للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه: هل يشترط في المفتي أن يعرف من الحساب ما يصحح به المسائل الحسابية الفقهية؟ فيه خلاف والأصح اشتراطه١.

تنبيه آخر: إنما يشترط اجتماع العلوم٢ المذكورة فيما مر في مفتٍ مطلق في جميع أبواب الشرع، فأما مفت في باب خاص كالمناسك والفرائض فيكفيه معرفة ذلك الباب، كذا قطع به الغزالي وصاحبه ابن برهان٣ وغيرهما، ومنهم من منعه مطلقا، وأجازه ابن الصباغ٤ في الفرائض خاصة، والأصح جوازه مطلقا.

القسم الثاني: المفتي الذي ليس بمستقل ومن دهر طويل عُدم المفتي المستقل، وصارت الفتوى إلى المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة، والآن قد اقتصروا على الأربعة المذاهب في هذه البلاد، وللمفتي المنتسب أربعة أحوال:

الحالة الأولى: ألا يكون مقلدا لإمامه لا في المذهب ولا في دليله لاتصافه بصفة المستقل، وإنما ينسب إليه لسلوكه طريقه في الاجتهاد، وادعى الأستاذ أبو إسحاق هذه الصفة لأصحابنا، فحكي أن أصحاب مالك وأحمد وداود٥، وأكثر الحنفية أنهم صاروا إلى مذاهب أئمتهم تقليدا، قال: والصحيح


١ كتاب العلم للنووي ص١١٩-١٢٠.
٢ كتاب العلم ص١٢٠.
٣ هو أبو الفتح، أحمد بن علي بن برهان: فقيه بغدادي، غلب عليه علم الأصول، كان يضرب به المثل في حل الإشكال، ودرس بالنظامية شهرا واحدا وعزل، ثم تولاها ثانيا يوما واحدا وعزل أيضا، مولده ووفاته ببغداد سنة ٥١٨هـ. وفيات الأعيان ١/ ٩٩، والأعلام ١/ ١٧٣.
٤ هو أبو نصر، عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد، ابن الصباغ: فقيه شافعي، من أهل بغداد، كانت الرحلة إليه في عصره، وتولى التدريس بالمدرسة النظامية أول ما فتحت، وعمي في آخر عمره، توفي في بغداد ٤٧٧هـ. نكت الهميان ١٩٣، والأعلام ٤/ ١٠.
٥ هو أبو سليمان، داود بن علي بن خلف الأصبهاني، الملقب بالظاهري: أحد الأئمة المجتهدين في الإسلام، تنسب إليه الطائفة الظاهرية، وسميت بذلك لأخذها بظاهر الكتاب والسنة وإعراضها عن التأويل والرأي والقياس، وكان داود أول من جهر بهذا القول، ولد في الكوفة، وسكن بغداد، وانتهت إليه رياسة العلم فيها، توفي في سنة ٢٧٠هـ. تاريخ بغداد ٨/ ٣٦٩، والأعلام ٢/ ٣٣٣.

<<  <   >  >>