للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيف كان يفتي هذه المسألة؟ فقال: على مذهب الشافعي فإن من يسألني إنما يسأل عن مذهب الشافعي لا عن مذهبي١.

الحالة الثانية: أن يكون مجتهدا مقيدا في مذهب إمامه٢، مستقلا بتقرير أصوله بالدليل، غير أنه لا يتجاوز في أدلته أصول إمامه وقواعده وشرطه، عالما بالفقه وأصوله وأدلة الأحكام تفصيلا، بصيرا بمسالك الأقيسة والمعاني، تام الارتياض في التخريج والاستنباط، قيما بإلحاق ما ليس منصوصا عليه لإمامه بأصوله، ولا يعرى عن شوب تقليد له لإخلاله ببعض أدوات المستقل بأن يخل بالحديث أو العربية، وكثيرا ما أخل بهما المقيد، ثم يتخذ أصول إمامه أصولا يستنبط منها كفعل المستقل بنصوص الشرع، وربما اكتفى في الحكم بدليل إمامه، ولا يبحث عن معارض كفعل المستقل في النصوص، وهذه صفة أصحابنا أصحاب الوجوه، وعليها كان الأئمة من أصحابنا أو أكثرهم، والعامل بفتوى هذه مقلد لإمامه لا له؛ لأن معوله على صحة إضافة ما يقول إلى إمامه لعدم استقلاله بتصحيح نسبته إلى الشارع بلا واسطة إمامه، قال بعضهم: والظاهر اشتراطه معرفته بما يتعلق بذلك من حديث ونحو ولغة٣. انتهى.

ثم ظاهر كلام الأصحاب٤ أن من هذا حاله لا يتأدى به فرض الكفاية، قال ابن الصلاح: ويظهر٥ تأدي الفرض به في الفتوى، وإن لم يتأد في إحياء العلوم التي منها استمداد الفتوى؛ لأنه قام فيها مقام إمامه المستقل فهو يؤدي إليه ما كان يتأدى به الفرض حين كان حيا قائما بالفرض منها، وهذا مفرع على الصحيح وهو جواز تقليد الميت، ثم قد يستقل المقيد في مسألة أو باب خاص كما


١ كتاب العلم للنووي ص١٧٢.
٢ كتاب العلم للنووي ص١٢١.
٣ نفس السابق.
٤، ٥ نفس السابق.

<<  <   >  >>