للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترى المناظر يهتم بتمييز ما تعم به البلوى١ كطلاق السكران وتخليل الخمر وكون الخلع٢ فسخا أو طلاقا عما لا تعم به من التوضي بنبيذ التمر، ودباغ جلد الكلب، وذكاة الحمار، ونحو ذلك.

الخامسة: أن تكون المناظرة في الخلوة أحب إليه منها في المحفل٣ والصدور٤، فإن الخلوة أجمع للهم وأحرى بصفاء الفكر، وفي حضور الخلق ما يحرك دواعي٥ الرياء والحرص على الإفحام ولو بالباطل، وأنت تعلم كسلهم عن الجواب عن المسألة في الخلوة، وتنافسم في المسألة في المحفل.

السادسة: أن يكون في طلب الحق كمنشد٦ ضالة يكون شاكرا متى وجدها، ولا يفرق بين أن تظهر على يده أو على يد غيره فيرى رفيقه معينا لا خصما، ويشكره إذا عرقه الخطأ وأظهر له الحق كما لو أخذ طريقا في طلب ضالته فنبهه غيره عليها أنها في طريق آخر، والحق ضالة المؤمن يطلبه كذلك، فحقه إذا ظهر الحق على لسان خصمه أن يفرح به ويشكره لا أنه يخجل ويسود وجهه ويربد لونه٧، ويجتهد في مجاحدته٨ ومدافعته جهده٩.

فقد ردت امرأة على عمر -رضي الله عنه- وهو في خطبته على ملأ من الناس فقال:


١ تعم به البلوى: يكثر قوعه.
٢ الخلع: باب من أبواب الفقه الإسلامي، تابع لأحكام النكاح.
٣ المحفل: مجتمع الناس، وجمعه: محافل.
٤ كل ما واجهك فهو صدر، والصدر: الطائفة من كل شيء.
٥ دواعي: جمع داع، وهو ما يدعو الإنسان إلى الشيء خيرا كان أو شرا.
٦ نشد الضالة ينشدها: إذا طلبها وعرفها، فهو منشد.
٧ اربدَّ وجهه وارمدَّ: إذا تغير.
٨ الجحد: نقيض الإقرار كالإنكار، والمجاحدة: مفاعلة منه، تعني المشاكلة، أي: اشتراك الفريقين بالصفة.
٩ فاتحة العلوم ١١٢.

<<  <   >  >>