للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القشيري١ في الرسالة٢ متصلا مسلسلا، وعرف الإخلاص فيها بأنه إفراد الحق تعالى في الطاعة بالقصد؛ أي: يريد بها التقرب إلى الله دون شيء آخر من الخلق من تصنُّع لهم أو محمدتهم أو محبتهم أو محبة مدحهم، وقال في تعريفه كلمات كثيرة، ونقولا غزيرة، وقال الفضيل بن عياض٣: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما٤، وقال السري٥: لا تعمل للناس شيئا، ولا تترك لهم شيئا، ولا تغط لهم شيئا، ولا تكشف لهم شيئا، وقال الجنيد٦: الإخلاص سر بين الله وبين العبد لا يعلمه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده، ولا هوى فيميله.

وقال الإمام القشيري: أقل الصدق استواء السر والعلانية، وقال غيره: من أراد أن يكون الله تعالى معه فليلزم الصدق، فإن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ


١ هو أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة النيسابوري القشيري، زين الإسلام، شيخ خراسان في عصره، زهدا وعلما بالدين، وكان السلطان ألب أرسلان يقدمه ويكرمه، كانت إقامته بنيسابور، وتوفي فيها سنة ٤٦٥هـ. تاريخ بغداد ١١/ ٨٣، والأعلام ٤/ ٥٧.
٢ الرسالة القشيرية ٢٠٤-٢٠٥، وانظر تعريفات أخر للإخلاص فيه.
٣ هو أبو علي، الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي اليربوعي، شيخ الحرم المكي، من أكابر العباد الصلحاء، كان ثقة الحديث، أخذ عنه خلق منهم الإمام الشافعي، ولد في سمرقند، وسكن مكة وتوفي بها سنة ١٨٧هـ. الحلية ٨/ ٨٧، والأعلام ٥/ ١٣٥.
٤ حلية الأولياء ٨/ ٩٨.
٥ انظر حلية الأولياء ١٠/ ١٣٠.
والسَّرِي هو أبو عبد الله بن المفلس السقطي، من كبار المتصوفة، بغدادي المولد والوفاة، وهو أول من تكلم في بغداد بلسان التوحيد وأحوال الصوفية، وكان إمام البغداديين وشيخهم في وقته، وهو خال الجنيد وأستاذه، توفي سنة ٢٥٣هـ. الحلية ١٠/ ١١٩، والأعلام ٣/ ٨٢.
٦ هو أبو القاسم، الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي الخزار، صوفي، من العلماء بالدين، مولده ومنشؤه ووفاته ببغداد، أصل أبيه من نهاوند، وهو أول من تكلم في علم التوحيد ببغداد، وقال ابن الأثير في وصفه: إمام الدنيا في زمانه، وعدَّه العلماء شيخ مذهب التصوف؛ لضبط مذهبه بقواعد الكتاب والسنة، توفي سنة ٢٩٧هـ. الحلية ١٠/ ٢٧٤، والأعلام ٢/ ١٤١.

<<  <   >  >>