للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: علم دراية١، وهو المراد عند الإطلاق٢ والذي كلامنا هنا فيه، ويحد أنه علم تعرف به معاني ما ذكر ومتنه، ورجاله، وطرقه، وصحيحه، وسقيمه، وعلله، وما يحتاج إليه فيه ليعرف المقبول منه والمردود، وموضوعه الراوي والمروي من حيث ذلك، وغايته: معرفة ما يقبل من ذلك ليعمل به، وما يرد منه ليجتنب، ومسائله ما ذكر في كتبه من المقاصد.

ومما جاء في فضله وآدابه من الأخبار قوله صلى الله عليه وسلم: "ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ مَن هو أوعى له منه" ٣، وفي رواية: "رب مبلغ أوعى من سامع" ٤، وقوله: "نضر ٥ الله امرأ سمع مقالتي فوعاها"، وفي رواية: "سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه" ٦، وقوله: "من أدى إلى أمتي حديثا تقام به سنة أو تثلم به بدعة فله الجنة"٧، وقوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم ارحم خلفائي" قيل: من خلفاؤك؟ قال: "الذين يأتون من بعدي فيروون أحاديثي ويعلمونها الناس"٨، وقوله


١ علم دراية الحديث: وهو علم باحث عن المعنى المفهوم من ألفاظ الحديث، وعن المراد منها مبنيا على قواعد العربية وضوابط الشريعة ومطابقا لأحوال النبي صلى الله عليه وسلم.
٢ أي: إذا أطلق علم الحديث، فالمرد علم الدراية لا الرواية، وإن كان رواية فيقيد بها.
٣ البخاري ٣/ ٤٥٩ في الحج، وفي الأضاحي ١٠/ ٦، وفي التفسير ٨/ ٢٤٤، وفي بدء الخلق ٦/ ٢١١، وفي الفتن ١٣/ ٢٣، وفي العلم ١/ ١٤٥، وأخرجه مسلم رقم ١٦٧٩ في القسامة، باب تحريم الدماء، وأبو داود رقم ١٩٤٧ في الحج، باب الأشهر الحرم، وانظر جامع الأصول ١/ ٢٦، ومسند أحمد حديث رقم ٢٠٤٠٧.
٤ رواه البخاري حديث رقم ١٦٥٤، وانظر شعب الإيمان ٤/ ٣٨٦، ومسند أحمد حديث رقم ٢٠٤٥٣ و٢٠٤٩٨.
٥ أي: جعل الله وجهه نَضِرًا يوم القيامة إشارة إلى قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} .
٦ سنن ابن ماجه حديث رقم ٢٣٠، والمعجم الأوسط ٢/ ٧٨، ومسند أحمد ٣/ ٢٢٥.
٧ مفتاح الجنة للسيوطي ١/ ٥٤، وفيض القدير حديث رقم ٨٣٦٣.
٨ مجمع الزوائد ١/ ١٢٦، والفردوس بمأثور الخطاب ١/ ٤٧٩، وفيض القدير ٢/ ١٤٩، وكنز العمال رقم ٢٩٢٠٨ و٢٩٤٨٨.

<<  <   >  >>