ولولا مهارة عساكر الاسلام وجند القرآن في علوم البحار وأولها إتقان السباحة ما تسنى للصحابة أن ينتصروا على
الروم في معركه ذات الصوارى في الاسكندرية ولا طرقوا بأيديهم القوية أبواب القسطنطينية على عهد معاوية وكانت قيادة الاسطول لولده يزيد.
وأما السبق بالصراع أو المصارعة فقد كانت تقوم عند السلف على قوة البدن وعلى إحسان القبض على الخصم وإلقائه أرضا وهى في زماننا هذا تقوم على أضرب منها الحرة والرومانية واليابانية، ولكل نوع منها أسلوبه في صرع الخصم، وهى تهدف جميعا إلى إحسان القبض على الخصم وإجباره على أن يتخذ وضعا ببدنه يعجز معه عن المقاومة.
وقد اختلف أصحابنا في السبق بالصراع على وجهين:
(أحدهما)
وهو مذهب أبى حنيفة أنه جائز لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه خرج إلى الابطح في قصة يزيد بن ركانة، وقد مضى تخريج طرقها وبيان وجه الحق فيها وهى روايات بمجموعها وإن لم يصح منها واحدة إلا أنها تنهض للاحتجاج.
والوجه الثاني وهو ظاهر مذهب الشافعي، والمنصوص عنه أنه لا يجوز، فالسبق على المشابكه بالايدي لا تجوز.
وإن قيل بجوازه في الصراع ففى جوازه بالمشابكة وجهان كالسباحة.
ومنها اختلاف أصحابنا في السبق بالحمام وجهان، وهو نوع من الحمام الذكى الصبور الذى يعبر البحار ويقطع الفيافي والقفار حتى يصل إلى غايته بسرعة فائقة يحمل الاخبار والكتب، وكان لامراء الاسلام وقواد الجيوش أبراج لتلقى هذه الحمائم فيفضون كتبها بأنفسهم، فمن جيش يطلب النجدة إلى قائد يعلن هزيمة عدوه، فكان لهذا الحمام أثره وفعله، وهو سلاح من أسلحة الجيوش كالبرق وسلاح الاشارة، فالوجه الاول يجوز لانها تؤدى أخبار المجاهدين بسرعة.
والوجه الثاني: لا يجوز لانها لا تؤثر في جهاد العدو.
وأما السبق بنطاح الكباش ونقار الديكة، فهو أسفه أنواع السبق وهو باطل لا يختلف أحد من أهل العلم