وأما ما ذكر في الكتاب - يعنى في صحيح مسلم - عن سعيد بن المسيب ومعمر راوي الحديث أنهما كانا يحتكران، فقال ابن عبد البر وآخرون: إنما كانا يحتكران الزيت، وحملا الحديث على احتكار القوت عند الحاجة إليه والغلاء، وكذا حمله الشافعي وأبو حنيفة وآخرون.
وهو الصحيح وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى:
[باب اختلاف المتبايعين وهلاك المبيع]
" إذا اختلف المتبايعان في مقدار الثمن، ولم تكن بينة تحالفا، لما روى ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه قال " لو أن الناس أعطوا بدعاويهم لادعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم، لكن اليمين على المدعى عليه " فجعل اليمين على المدعى عليه والبائع مدعى عليه بيع بألف والمشترى مدعى عليه بيع بألفين، فوجب أن يكون على كل واحد منهما اليمين لان كل واحد منهما
مدعى عليه ولا بينة فتحالفا، كما لو ادعى رجل على رجل دينارا وادعى الآخر على المدعى درهما "
(فصل)
قال الشافعي رحمه الله في البيوع: يبدأ بيمين البائع.
وقال في الصداق: إذا اختلف الزوجان يبدأ بيمين الزوج، والزوج كالمشترى.
وقال في الدعوى والبينات إن بدأ بالبائع خير المشترى، وإن بدأ بالمشترى خير البائع، وهذا يدل على أنه مخير بين أن يبدأ بالبائع وبين أن يبدأ بالمشترى، فمن أصحابنا من قال فيها ثلاثة أقوال (أحدها) يبدأ بالمشترى، لان جنبته أقوى، لان المبيع على ملكه فكان بالبداية أولى
(والثانى)
يبدأ بمن شَاءَ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الآخر في الدعوى فتساويا، كما لو تداعيا شيئا في يديهما (والثالث) أنه يبدأ بالبائع وهو الصحيح، لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إذا اختلف البيعان فالقول ما قال البائع، والمبتاع بالخيار " فبدأ بالبائع ثم خير المبتاع، ولان جنبته أقوى لانه إذا تحالفا رجع المبيع إليه فكانت البداية به أولى.
ومن أصحابنا من قال هي على قول واحد أنه يبدأ بالبائع ويخالف