تصح الردة من كل بالغ عاقل مختار، فأما الصبى والمجنون فلا تصح ردتهما لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حتى يفيق) وأما السكران ففيه طريقان، من أصحابنا من قال تصح ردته قَوْلًا وَاحِدًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِيهِ قَوْلَانِ، وقد بينا ذلك في الطلاق، فأما المكره فلا تصح ردته لقوله تعالى (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان) وإن تلفظ بكلمة الكفر وهو أسير لم يحكم بردته لانه مكره، وإن تلفظ بها في دار الحرب في غير الاسر حكم بردته، لان كونه في دار الحرب لا يدل على الاكراه، وإن أكل لحم الخنزير أو شرب الخمر لم يحكم بردته، لانه قد يأكل ويشرب من غير اعتقاد، ومن أكره على كلمة الكفر فالافضل أن لا يأتي بها لِمَا رَوَى أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان.
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يجب للمرء لا يحبه الا الله عزوجل، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن توقد نار فيقذف فيها) وروى خباب بن الارث إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (أن كان الرجل ممن كان قبلكم ليحفر له في الارض فيجعل فيها، فيجاء بمنشار فتوضح على رأسه ويشق باثنتين، فلا يمنعه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ما يصده ذلك عن دينه) ومن أصحابنا من قال: إن كان ممن يرجو النكاية في العدو أو القيام بأحكام