قوله: ويجوز أن يكون رأس المال في الذمة ثم يعينه في المجلس خلافا لابن المنذر الذى قَالَ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ على أنه إذا كان له في ذمة رجل دينار فجعله سلما في طعام إلى أجل لم يصح اه.
وحكى هذا ابن قدامة عن مالك والاوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأى والشافعي وعن ابن عمر أنه قال: لا يصح ذلك، وذلك لان المسلم فيه دين، فإن جعل الثمن دينا كان بيع دين بدين ولا يصح ذلك، قلت وقد مر بك في أول الباب مناقشة هذا الرأى.
والمهم في هذا جواز أن يكون رأس المال في الذمة ولكن يجب إحضاره إلى المجلس بعد تعيينه، فإن كان ما في الذمة من الاثمان حمل على نقد البلد، وإن كان في البلد أكثر من نقد حمل على النقد الغالب فيها وإن لم يكن في البلد نقد غالب وجب بيان نقد معلوم، وما دام رأس المال حاضرا في المجلس فإن المشاهدة تغنى عن ذكر صفاته ومقداره، كما لو كان رأس المال من الجواهر والاحجار الكريمة مما يصعب وصفه، فإن كان من الجواهر الثمينة وقلنا بأنه يجب ذكر صفاته لم يجز أن يكون ذلك رأس مال لتعذر وصفه، وإن قلنا لا يجب جاز لمشاهدته في المجلس.
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى:
[باب تسليم المسلم فيه]
إذا حل دين السلم وجب على المسلم إليه تسليم المسلم فيه على ما اقتضاه العقد فإن كان المسلم فيه تمرا لزمه ما يقع عليه اسم التمر على الاطلاق.
فإن أحضر حشفا أو رطبا لم يقبل منه، فإن كان رطبا لزمه ما يقع عليه اسم الرطب على الاطلاق
ولا يقبل منه بسر ولا منصف ولا مذنب ولا مشدخ، وان كان طعاما لزمه ما نقى من التبن، فإن كان فيه قليل تراب نظرت، فإن كان أسلم فيه كيلا قبل منه لان القليل من التراب لا يظهر في الكيل، وإن كان أسلم فيه وزنا لم يقبل منه لانه يظهر في الوزن فيكون المأخوذ من الطعام دون حقه، وان كان عسلا لزمه ما صفى من الشمع، فإن أسلم إليه في ثوب فأحضر ثوبا أجود منه لزمه قبوله، لانه