للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[باب الإقطاع والحمى]

يجوز للامام أن يقطع موات الارض لمن يملكه بالاحياء لما روى علقمة بن وائل عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقطعه أرضا فارسل معه معاوية أن أعطه إياها، أو قال أعطاها إياه.

وروى ابْنُ عُمَرَ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أقطع الزبير حضر فرسه فأجرى فرسه حتى قام ورمى بسوطه، فقال أعطوه من حيث وقع السوط.

وروى أن أبا بكر أقطع الزبير وأقطع عمر عليا وأقطع عثمان رضى الله عنهم خَمْسَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: الزبير وسعدا وابن مسعود وخبابا وأسامة بن زيد رضى الله عنهم.

ومن أقطعه الامام شيئا من ذلك صار أحق به.

ويصير كالمتحجر في جميع ما ذكرناه، لان بإقطاع الامام صار أحق به كالمتحجر، فكان حكمه حكم المتحجر، ولا يقطع من ذلك إلا ما يقدر على إحيائه لانه إذا أعطاه أكثر من ذلك دخل الضرر على المسلمين من غير فائدة.

(فصل)

وأما المعادن فانها إن كانت من المعادن الظاهرة لم يجز اقطاعها لما روى ثابت بن سعيد عن أبيه عن جده أبيض بن حمال أنه استقطع النبي صلى الله عليه وسلم ملح المأرب فأقطعه إياه، ثم ان الاقرع بن حابس قال: يا رسول الله انى قد وردت الملح في الجاهلية، وهو بأرض ليس بها ملح، ومن ورده أخذه، وهو مثل الماء العد بأرض، فاستقال أبيض بن حمال فقال أبيض قد أقلتك فيه على أن تجعله منى صدقة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو منك صدقة وهو مثل الماء العدو من ورده أخذه.

وان كانت من المعادن الباطنة فإن قلنا انها تملك بالاحياء جاز إقطاعه لانه موات يجوز أن يملك بالاحياء فجاز اقطاعه كموات الارض، وان قلنا لا تملك بالاحياء فهل يجوز اقطاعه، فيه قولان.

(أحدهما)

يجوز إقطاعه لانه يفتقر الانتفاع به إلى المؤن فجاز اقطاعه

<<  <  ج: ص:  >  >>