إذا قتل الحر حرا عمد خطأ وله عاقلة وجب جميع الدية على عاقلته، لما روى المغيرة بن شعبة قال (ضربت امرأة ضرة لها بعمود فسطاطا، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بديتها على عصبة القاتلة) وإن قتله خطأ وجبت الدية على عاقلته، لانه إذا تحمل عن القاتل في عمد الخطأ تخفيفا عنه مع قصده إلى الجناية
فلان يحمل عن قاتل الخطأ ولم يقصد الجناية أولى، ولان الخطأ وعمد الخطأ يكثر فلو أوجبنا ديتهما في مال الجاني أجحفنا به، وإن قطع أطرافه خطأ أو عمد خطأ ففيه قولان.
قال في القديم (لا تحمل العاقلة ديتهما لانه لا يضمن بالكفارة ولا تثبت فيه القسامة، فلم تحمل العاقلة بدله كالمال وقال في الجديد (تحمل العاقلة ديتها، لان ما ضمن بالقصاص والدية وخففت الدية فيه بالخطأ حملت العاقلة بدله كالنفس) فعلى هذا تحمل ما قل منه وكثر، كما تحمل ما قل وكثر من دية النفس.
وان قتل عمدا أو جنى على طرفه عمدا لم تحمل العاقلة ديته، لان الخبر ورد في الحمل عن القاتل في عمد الخطأ تخفيفا عنه.
لان لم يقصد القتل، والعامد قصد القتل فلم يلحق به في التخفيف، وإن وجب له القصاص في الطرف فاقتص بحديدة مسمومة فمات فعليه نصف الدية، وهل تحمل العاقلة ذلك أم لا؟ فيه وجهان
(أحدهما)
تحمله، لانا حكمنا بأنه ليس بعمد محض
(والثانى)
لا تحمله، لانه قصد القتل بغير حق فلم تحمل العاقلة عنه.
وان وكل من يقتص له في النفس ثم عفا وقتل اوكيل ولم يعلم بالعفو وقلنا ان العفو يصح ووجبت الدية على أوكيل فهل تحملها العاقلة؟ فِيهِ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ انه لا تحملها العاقلة، وهو الصحيح، لانه تعمد القتل فلم تحمل العاقلة عنه، كما لو قتله بعد العلم بالعفو