وإذا سقط اعتبارهما ثبت اعتبار الهادى والكتد، ولو اعتبر السبق بأيديهما فأيهما تقدمت يداه وهو السابق كان عندي أصح، لان السعي بهما والجرى عليهما لكن الشافعي اعتبر بالهادي والكتد.
فأما السبق بالكتد فمتحقق سواء اتفق الفرسان في الطول والقصر أو تفاضلا وأما السبق بالهادي وهو العنق فلا يخلو حال الفرسين أن يتساويا فيه أو يتفاضلا في طوله أو قصره، فإن سبق بالعنق أقصرهما عنقا، وإن سبق بالعنق
أطولهما عنقا لم يكن سابقا إلا أن يتصاف السابق بكتده، لان سبقه بعنقه إنما كان لطوله لا لزيادة جريه.
فإن قيل: فإن كان السبق بالكتد صحيحا مع اختلاف الخلقة فلم اعتبر بالعنق التى يختلف حكمها باختلاف الخلقة؟ قيل: لان السبق بالكتد يتحققه القريب دون البعيد، والسبق بالعنق يتحققه القريب والبعيد، وربما دعت الضرورة إليه ليشاهده شهود السبق فشهدوا به للسابق شهودا يستوقفون عند الغاية ليشهدوا للسابق على المسبوق، فلو سبق أحدهما عند الغاية بهاديه أو كتده ثم جريا بعد الغاية فتقدم المسبوق بعدها على السابق بهاديه أو كتده كان السبق لمن سبق عند الغاية دون من سبق بعدها، لان ما يجاوز الغاية غير داخل في العقد فلم يعتبر وهكذا لو سبق أحدهما قبل الغاية ثم سبقه الآخر عند الغاية كان السبق لمن سبق عند الغاية دون من سبق قبلها لاستقرار العقد على السبق إليها.
(فرع)
إذا عثر أحد الفرسين أو ساخت قوائمه في الارض فسبق الاخر لم يحتسب له بالسبق، لان العثرة أخرته.
ولو كان العاثر هو السابق احتسب سبقه، لانه إذا سبق مع العثرة كان بعدها أسبق، ولو وقف أحد الفرسين بعد الجرى حتى وصل الاخر إلى غايته كان مسبوقا إن وقف لغير مرض، ولا يكون مسبوقا إن وقف لمرض.
فأما إن وقف قبل الجرى لم يكن مسبوقا، سواء وقف لمرض أو غير مرض لانه بعد الجرى مشارك.
(فرع)
قال الشافعي رضى الله عنه: والنضال فيما بين الاثنين يسبق أحدهما