قال الشافعي رضى الله عنه: وإذا سبق احد الرجلين الاخر على ان يجعلا بينهما قرعا معروفا خواسق أو حوابى فهو جائز.
اه قلت: نعلم من اقوال الامام الشافعي رضى الله عنه ان عقد الرمى معتبر بشروط.
احدهما ان يكون الراميان متعينين، لان العقد عليهما، والمقصود به حذقهما، فان لم يتعينا بطل العقد، سواء وصفا أو لم يوصفا، كما لو أطلق في السبق الفرسان، فان لم يتعينا كان باطلا، ولا يلزم تعيين الآلة، ولكل واحد منهما ان يرمى عن أي قوس شاء، وبأى سهم أحب، فان عينت الآلة لم يتعين وبطلت في التعين.
ولو قيل: ويرمى عن هذين القوسين لم يؤثر في العقد وجاز لهما الرمى عنها ولغيرهما، وان قيل: على ان لا يرمى الا عن هذين القوسين كان فاسدا لانه على الوجه الاول صفة وعلى الوجه الثاني شرط.
أما قوله (ولا يصح الا على آلتين متجانستين) فقد قال الشافعي رضى الله عنه: ولا يصلح ان يمنع الرجل أن يرمى بأى نبل أو قوس شاء إذا كانت من صنف القوس التى سابق عليها.
قلت: وأنواع القسى تختلف باختلاف أنواع الناس فللعرب قسى وسهام وللعجم قسى وسهام، وقيل إن أول من صنع القسى العربية ابراهيم الخليل عليه السلام، وأول من صنع الفارسية النمرود.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب القوس العربية ويأمر بها ويكره الفارسية وينهى عنها، ورأى رجلا يحمل قوسا فارسية فقال: ملعون حاملها عليكم بالقسى العربية وسهامها، فانه سيفتح عليكم بها.
قال الماوردى: وليس هذا منه محمولا على الحظر المانع، وفى تأويله.
ثلاثة
أوجه (أحدها) ليحفظ به آثار العرب، ولا يعدل الناس عنها رغبة في غيرها، فعلى هذا يكون الندب إلى تفضيل القوس العربية باقيا.
والوجه الثاني: انه أمر بها لتكون شعار المسلمين حتى لا يتشبهوا باهل الحرب من المشركين فيقتلوا، فعلى هذا يكون الندب إلى تفضيلها مرتفاعا لانها قد فشت في عامة المسلمين.
(والثالث) ما قاله عطاء انه لعن من قاتل المسلمين بها.