ثم يرمى البادئ منهما سهما آخر يستكمل به العشرين فيصيب فيصير به ناضلا، ويمنع الاخر من رمى السهم الاخر الذى رماه الثاني لانه لا يستفيد به نضالا ولا مساواة، لان الثاني له من العشرين سهم واحد وعليه إصابتان.
ولو رمى فأصابه بقيت عليه إصابة يكون بها منضولا فلم يكن لرميه معنى يستحقه بالعقد.
فلذلك منع منه.
ولو كان كل واحد منهما قد أصاب تسعة من تسعة عشر ثم رمى المبادى وأصاب كان للمبدأ أن يرمى بجواز أن يصيب فيكافئ فأما المزني فظن أن الشافعي منع المبدأ أن يرمى بالسهم الباقي في هذه المسألة فتكلم عليه وليس كما ظن بل أراد منعه في المسألة المتقدمة للتعليل المذكور.
(فرع)
قال الشافعي رضى الله عنه: وإن اشترطا محاطة فكل ما أصاب أحدهما واصاب الاخر مثله أسقطا العددين ولا شئ لواحد منهما ويستأنفان.
وإن أصاب أقل من صاحبه حط مثله حتى يخلص له ذلك العدد الذى شرطه فينضله به.
قد ذكرنا أن النضال على ضربين محاطة ومبادرة.
فبدأ الشافعي رضى الله عنه بذكر المحاطة في الام وإن جعلها المصنف هنا بعد المبادرة، لان الغالب من النضال في زمانه كان محاطة والغالب في بلد الشيخ أبى إسحاق كان المبادرة، وقد قيل إن الشافعي كان راميا يصيب من العشرة ثمانية في الغالب، وهى عادة حذاق الرماة فإذا عقدا سبق النضال على اصابة خمسة من عشرين محاطة ورماية وجب أن يحط أقل الاصابتين من أكثرهما وينظر في الباقي بعد الحط، فإن كان خمسة فهو القدر المشروط فيصير صاحبه به ناضلا.
وان كان الباقي أقل من خمسة لم ينضل، وان كان أكثر اصابة لنقصانه من العدد المشروط، وإذا كان كذلك لم يخل حالهما بعد الرمى من أحد أمرين: اما أن يتساويا في الاصابة أو يتفاضلا،
فان تساويا في الاصابة فأصاب كل واحد منهما عشرا عشرا أو خمسا خمسا قال الشافعي فلا شئ لواحد منهما ويستأنفان.
فاختلف أصحابنا في قوله: ويستأنفان على وجهين حَكَاهُمَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَحَدُهُمَا يستأنفان الرمى بالعقد الاول، لان عقد المحاطة ما أوجب حط الاقل