والثانى: يملك لان الاحياء يملك به والتحجر لا يملك به، فقدم ما يملك به على ما لا يلملك به، وإن طالت المدة ولم يتمم قال له السلطان: إما أن تعمر وإما أن ترفع يدك، لانه ضيق على الناس في حق مشترك بينهم فلم يمكن منه كما لو وقف في طريق ضيق أو مشرعة ماء ومنع غيره منها، وإن سأل أن يمهل أمهل مدة قريبة، فان انقضت المدة ولم يحيى فبادر غيره فأحيا ملك، لانه لا حق له بعد انقضاء المدة.
(فصل)
ومن سبق في الموات إلى معدن ظاهر وهو الذى يوصل إلى ما فيه من غير مؤنة كالماء والنفط والمومياء والياقوت والبرام والملح والكحل كان أحق به، لقوله صلى الله عليه وسلم: من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به، فإن أطال المقام فيه ففيه وجهان.
(أحدهما)
لا يمنع لانه سبق إليه
(والثانى)
يمنع لانه يصير كالمتحجر، فان سبق اثنان وضاق المكان وتشاحا، فان كانا يأخذان للتجارة، هايأ الامام بينهما
فان تشاحا في السبق أقرع بينهما، لانه لا مزية لاحدهما على الاخر فقدم بالقرعة وإن كانا يأخذان للحاجة ففيه ثلاثة أوجه.
أحدهما: يقرع بينهما لِأَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخِرِ.
وَالثَّانِي: يقسم بينهما لانه يمكن لهما القسمة فلا يؤخر حقه.
والثالث: يقدم الامام أحدهما لان للامام نظرا في ذلك فقدم من رأى تقديمه، وان كان من ذلك ما يلزم عليه مؤنة بأن يكون بقرب الساحل موضع إذا حصل فيه الماء حصل فيه ملح جاز أن يملك بالاحياء لانه يوصل إليه بالعمل والمؤنة فملك بالاحياء كالموات.
(الشرح) حديث (من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو أحق به) هذا الحديث هو الذى سبق تخريجه فقد رواه أبى داود وصححه الضياء المقدسي عن أسمر بن مضرس.
وقال البغوي: لا أعلم بهذا الاسناد غير هذا الحديث، التحجر أحاطة الارض بالحجارة، أو بحائط صغير، وهو شروع في احياء الموات وليس احياء تاما، ولذلك فانه لا يملكها بذلك لان الملك لا يكون الا بالاحياء، وليس هذا