ولا يجوز إقطاعها لاحد من الناس، ولا احتجازها دون المسلمين لما في ذلك من
التضييق عليهم وحرمانهم خيرات ظاهرة، ولان النبي صلى الله عليه وسلم أقطع أبيض بن حمال معدن الملح في مأرب باليمن، فلما قيل له: إنه بمنزلة الماء العد.
أمر برده، فأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الملح الكثير منزلة مشارع الماء وطرقات المسلمين.
قال ابن عقيل من الحنابلة: هذا من مواد الله وفيض جوده الذى لا غناء عنه فلو ملكه أحد بالاحتجاز ملك منعه فضاق على الناس، فان أخذ عنه الثمن أغلاه فخرج عن الموضع الذى وضعه الله من تعميم ذوى الحوائج من غير كلفة.
وهذا مذهب الشافعي وأحمد ولا نعلم لهما مخالفا من الائمة.
قال الرملي: وللاجماع على منع إقطاع مشارع الماء وهذا مثلها بجامع الحاجة العامة وأخذها بغير عمل، ويمتنع أيضا إقطاع وتحجر أرض لاخذ نحو حطبها وصيدها وبركة لاخذ سمكها، وظاهر كلام الاصحاب المنع من التملك والارتفاق ولكن الزركشي قيد المنع بالتملك.
ويأتى بعد هذا إذا اطال من سبق إليه المقام فيه ففيه وجهان.
أحدهما: لا يمنع لانه سبق إليه فهو أحق به، بشرط أن لا يمنع غيره ويأخذ قدر حاجته والثانى: يمنع لانه أطال المقام والاخذ، واحتمل أن يمنع غيره لانه يصير كالمتملك له أو المتحجر.
وإن استبق إليه اثنان وضاق المكان عنهما أقرع بينهما لانه لا مزية لاحدهما على صاحبه وهذا إذا كانا يأخذانه للتجارة، فإن كانا يأخذانه للحاجة ففيه ثلاثة أوجه، اما أن يقرع بينهما كالمتجرين، واما أن يقسم بينهما لامكان هذه القسمة وقد تساويا فيه كما لو تداعيا في أيديهما ولا بينة لاحدهما بها، واما أن يقدم الامام من يرى منهما لان له نظرا في ذلك، وهذه الاوجه كلها عند أحمد وأصحابه وأضاف القاضى وجها رابعا وهو أن الامام ينصب من يأخذ لهما