وقد روى ابن أبى شيبة عن ميمونة أم المؤمنين أنها وجدت تمرة فأكلتها وقالت: لا يحب الله الفساد.
قال في الفتح: يعنى أنها لو تركها فلم تؤخذ فتؤكل لفسدت ثم قال: وجواز الاكل هو المجزوم به عند الاكثر.
وعندنا أن القليل إذا كان يطلب في العادة وجب التعريف به كالكثير مدة التعريف المنصوص عليها وهى سنة لعموم الاحاديث الواردة.
وعند أبى حنيفة أنه يعرف بالقليل ثلاثة أيام.
وذلك لحديث يعلى بن مرة مرفوعا (من التقط لقطه يسيرة حبلا أو درهما أو شبه ذلك فليعرفها ثلاثة أيام، فإم كان فوق ذلك فليعرفه ستة أيام) رواه أحمد والطبراني والبيهقي، وزاد الطبراني (فإن جاء صاحبها والا فليتصدق بها) وفى اسناده عمر بن عبد الله بن يعلى، وقد صرح جماعه ضعفه، وزعم ابن حزم أنه مجهول وقد دافع عنه ابن حجر وابن رسلان والله تعالى أعلم بالصواب.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل)
فان عرفها فلم يجد صاحبها ففيه وجهان
(أحدهما)
تدخل في ملكه بالتعريف لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
فان جاء صاحباه والا فهى لك ولانه كسب مال بفعل فلم يعتبر فيه اختيار التملك كالصيد
(والثانى)
أنه يملكه باختيار التملك، لما روى في حديث زيد بن خالد الجهنى إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فان جاء صاحبها والا فشأنك بها فجعله إلى اخياره ولانه تملك ببدل فاعتبر فيه اختيار التملك كالملك بالبيع.
وحكى فيه وجهان آخران.
أحدهما: أنه يملك بمجرد النية.
والثانى يملكه بالتصرف ولا وجه لواحد منهما، ولا فرق في ملكها بين الغنى والفقير لقوله صلى الله عليه وسلم (فان جاء صاحبها والا فشأنك بها) ولم يفرق لانه ملك بعوض فاستوى فيه الغنى والفقير كالملك في القرض والبيع.
(فصل)
فان حضر صاحبها قبل أن يملكها نظرت، فان كانت العين باقيه وجب ردها مع الزيادة المتصلة والمنفصلة، لانها باقيه على ملكه، وان كانت تالفه لم يلزم الملتقط ضمانها، لانه يحفظ لصاحبها، فلم يلزم ضمانها من غير تفريط