والوجه الثاني: يرتفع ملكه عنها مع بقاء ضمانها وذلك أحوط لمالكها، ووجه
ذلك أنه لما جاز أن يتملكها من غير بذل مالكها جاز أن يزول ملكه عنها من غير قبول متملكها، فعلى هذا يكون الحادث من درها ونسلها ملك لربها تبعا لاصلها وعليه ضمانها كالاصل.
والحال الرابعة: أن يريد بيعها فلا يخلو ذلك من أحد أمرين: إما أن يبيعها قبل أن يملكها فذلك له ويكون ضامنا بقيمتها دون ثمنها.
وفى هذه الحال تفصيل مضى للمصنف في فصل مضى.
قال المزني فيما وصفه بخطه: إذا وجد الشاة أو البعير أو الدابة ما كانت في المصر أو في قرية فهى لقطة يعرفها سنة.
قد مضى حكم ضوال الابل والغنم إذا وجدها في الصحراء، فأما إذا وجدها في البلد أو المصر فالذي حكاه المزني فيما وجده بخط الشافعي أنها لقطة له أخذها وعليه تعريفها حولا وحكى عن الشافعي في الام أنها في المصر والصحراء سواء، يأكل الغنم ولا ولا يعرض للابل، فاختلف أصحابنا فمنهم من خرج ذلك على قولين
(أحدهما)
أن المصر كالبادية يأكل الغنم ولا يعرض للابل، وهى المحكى في الام لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (ضالة المؤن حرق النار) أخرجه أحمد وابن ماجه وابن حبان والطبراني والطحاوى من حديث عبد الله بن الشخير والقول الثاني: أنها لقطة يأخذها الغنم والابل جميعا، ويعرفها كسائر اللقطة حولا كاملا، وهو الذى حكاه المزني عنه فيما لم يسمع منه، لان قوله صلى الله عليه وسلم في ضوال الابل: معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشجر يختص بالبادية التى يكون فيها الماء والشجر دون المصر، وهى تمنع صغار السباع عن أنفسها في البادية، ولا يقدر على منع الناس في المصر، والشاة تؤكل في البادية لان الذئب يأكلها وهو لا يأكلها في المصر، فاختلف معناهما في البادية
والمصر فاختلف حكمهما.
ومن أصحابنا من يحمل جواز أحدهما على تسليمها إلى الامام وحمل المنع من أخذها على سبيل التملك.