المذكورة، ولا يلزم من ذلك تقدم صحة الهبة (الخامس) أن قوله: أشهد على هذا غيرى، إذن بالاشهاد على ذلك، وإنما امتنع من ذلك لكونه الامام، وكأنه قال: لا أشهد لان الامام ليس من شأنه أن يشهد وإنما من شأنه أن يحكم، حكاه الطحاوي وارتضاه ابن القصار، وتعقب بأنه لا يلزم من كون الامام ليس من شأنه أن يشهد أن يمتنع من تحمل الشهادة ولا من أدائها إذا تعينت عليه، والاذن المذكور مراد به التوبيخ لما تدل عليه بقية ألفاظ الحديث، وبذلك صرح الجمهور في هذا الموضع وقال ابن حبان: قوله (أشهد) صيغة أمر والمراد به نفى الجواز وهى كقوله لعائشة: اشترطي لهم الولاء اه.
ويؤيد هذا الوجه تسميته صلى الله عليه وسلم لذلك جورا كما في بعض الروايات المذكورة.
(السادس) التمسك بقوله: ألا سويت بينهم، على أن المراد بالامر الاستحباب وبالنهى التنزيه.
قال ابن حجر: وهذا جيد لولا ورود تلك الالفاظ الزائدة على هذه اللفظة ولا سيما رواية (سو بينهم)(السابع) قالوا المحفوظ في حديث النعمان (قاربوا بين اولادكم) لا سووا، وتعقب بانكم لا توجبون المقاربة كما لا توجبون التسوية (الثامن) في التشبيه الواقع بينهم في التسوية، بالتسوية بينهم، بالتسوية
فيهم في البر قرينة تدل على ان الامر للندب، ورد بأن إطلاق الجور على عدم التسوية والنهى عن التفضيل يدلان على الوجوب فلا تصلح تلك القرينة لصرفهما وإن صلحت لنفس الامر (التاسع) ما سيأتي في الفصل الذى بعد هذا من منحة أبى بكر لعائشة.
وقوله لها فلو كنت احترثته، وكذلك ما رواه الطحاوي عن عمر أنه نحل ابنه عاصما دون سائر ولده، ولو كان التفضيل غير جائز لما وقع من الخليفتين، وقال في الفتح وقد أجاب ابن عمر عن قصة عائشة بأن اخوتها كانوا راضين، ويجاب بمثل ذلك عن قصة عاصم.
ولا حجة في فعلهما لا سيما إذا عارض المرفوع (العاشر) أن الاجماع انعقد على جواز عطية الرجل ماله لغير ولده، فإذا جاز له أن يخرج جميع ولده من ماله لتمليك الغير جاز له أن يخرج بعض ولده