وقضية ذلك أن ما جرت به عادة بعض أهل البلاد من وضع طاسة (صينية) بين يدى صاحب الفرح ليضع الناس فيها دراهم: وفى الاسكندرية رأيت الناس يكتبون قائمة بأسماء الواهبين ومقدار ما دفعوه في الطاسة وهم حريصون على رد ما يأخذونه في أفراح من أعطوهم وربما زاد بعضهم على ما أخذ، وفى القاهرة تفشو هذه العادة إلا أن الحرص على الرد أقل من الاسكندرية.
قال الرملي: ثم يقسم على المزين ونحوه يجرى في ذلك التفصيل، فإن قصد
المزين وحده أو مع نظر انه المعاونين له عمل بالقصد، وان أطلق كان ملكا لصاحب الفرح يعطيه لمن يشاء، وبهذا يعلم عدم اعتبار العرف هنا، أما مع قصد خلافه فظاهر، وأما مع الاطلاق فلان حمله على من ذكر من الاب والخادم وصاحب الفرح نظرا للغالب أن كلا من هؤلاء هو المقصود هو عرف الشرع، فيقدم على العرف المخالف له بخلاف مالا عرف للشرع فيه فيحكم بالعادة فيه.
قال الشافعي رضى الله عنه: إذا وهب الرجل شقا من دار فقبضه ثم عوضه الموهوب له شيئا فقبضه الواهب سئل الواهب، فإن قال: وهبتها للثواب كان فيها شفعة، وإن قال: وهبتها لغير الثواب لم يكن فيها شفعة، وكانت المكافأة كابتداء الهبة، وهذا كله في قول من قال: للواهب الثواب إذا قال أردته فأما من قال: لا ثواب للواهب إن لم يشترطه في الهبة فليس له الرجوع في شئ وهبه ولا الثواب منه، قال الربيع وفيه قول آخر، وإذا وهب واشترط الثواب فالهبة باطلة من قبل أنه اشترط عوضا مجهولا، وإذا وهب لغير الثواب وقبضه الموهوب فليس له أن يرجع في شئ وهبه، وهو معنى قول الشافعي: وإذا وهب الرجل للرجل هبه فلم يقبضها الموهبة له حتى مات، فإن أبا حنيفة كا يقول: الهبة في هذا باطل لا تجوز وبه يأخذ، ولا يكون له وصيه إلا أن يكون ذلك في ذكر وصيه، وكان ابن ليلى يقول: هي جائزة من الثلث اه.
(فرع)
إذا اختلف الواهب ولموهوب فقال الواهب: ببدل، وقال الموهوب له على غير بدل فوجهان.
أحدهما: القول قول الواهب لانه منكر لخروج الشئ من ملكه بغير بدل