للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عند الحنابله: لا تصح الوصية له.

لان أحمد رضى الله عنه نص على أن المدبر إذا قتل سيده بطل تدبيره، وعندنا أنه يبطل إذا اعتبر التدبير وصية، أما إذا اعتبر صفة فإن التدبير ماض ويعتق بموت سيده ولو قتلا وهذا أيضا قول الثوري وأصحاب الرأى لان القتل يمنع الميراث الذى هو آكد من الوصية فالوصية أولى، ولان الوصية أجريت مجرى الميراث فيمنعها ما يمنعه، لان الميراث أقوى التمليكات فلما منع منه القتل كان أولى أن يمنع من الوصية.

فإذا تقرر هذان القولان فلا فرق بين أن يوصى له بعد جرحه إياه وجنايته عليه، وبين أن يوصى له قبل الجناية ثم يجنى عليه فيقتله في أن الوصية على قولين ولكن لو قال الموصى وليس بمجروح: قد وصيت بثلثي لمن يقتلين فقتله رجل لم تصح الوصية له قولا واحدا لامرين.

(أحدهما)

أنها وصية عقدت على معصية.

(والثانى)

أن فيها إغراء بقتله، فلو وصى بثلثه لقاتل زيد، فإن كان قبل القتل لم يجز لما ذكرنا، وإن كان بعد قتله جاز، وكان القتل تعريفا، وهكذا لو

وهب في مرضه لقاتله هبة أو حاباه في بيع أو أبرأه من حق فكل ذلك على قولين لانها وصية له تعتبر في الثلث، وهكذا لو أعتق في مرضه عبدا فقتل العبد سيده كان في عتقه قولان لانها وصية له، ولكن لو وهب هبة في صحته أو أبرأ من حق أو حابى في بيع أو أعتق عبدا، ثم إن الموهوب له قتل الواهب أو المبرأ قتل المبرئ أو المحابى قتل المحابى والعبد قتل السيد كان ذلك كله نافذا ماضيا، لان فعله في الصحة جرى مجرى الوصايا، ولو جرح رجل رجلا ثم إن المجروح وصى للجارح بوصية ثم جنى على الموصى آخر فذبحه جازت الوصية للجارح الاول، لان الذابح صار قاتلا، ولو لم يكن الثاني قد ذبحه ولكن لو جرحه صار الثاني والاول قاتلين، فردت الوصية للاول في أحد القولين، وهذا هو قول مالك وأبى ثور وابن المنذر وأحد القولين عند أحمد، وأظهر القولين للشافعي لان الهبة تصح فصحت الوصيه له كالذمي، وقال القاضى أبو بكر من الحنابله: لا تصح الوصيه له وهذا هو قول الثوري وأصحاب الرأى وأحد قولى الشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>