واختلف قوله في الوصية فقال في أحد القولين لا تصح لِمَا رَوَى جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا وصية لوارث) ولانها وصية لا تلزم لحق الوارث فلم تصح، كما لو أوصى بمال لهم من غير الميراث فعلى هذا الاجازة هبة مبتدأة يعتبر فيها ما يعتبر في الهبة.
والثانى تصح لما روى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: لا تجوز لوارث وصية
إلا ان شاء الورثة، فدل على أنهم إذا شاءوا كانت وصية، وليست الوصية في ملكه وإنما يتعلق بها حق الورثة في الثاني فلم يمنع صحتها كبيع ما فيه شفعة، فعلى هذا إذا أجاز الورثة نفذت الوصية
(فصل)
ولا تصح الوصية لمن لا يملك فإن وصى لميت لم تصح الوصية لانه تمليك فلم يصح للميت كالهبة، وإن وصى لحمل تيقن وجوده حال الوصية بأن وضعته لدون ستة أشهور من حين الوصية أو لستة أشهور وليست بفراش صحت الوصية لانه يملك بالارث فملك بالوصية، وان وضعته لستة أشهر وهى فراش لم تصح الوصية لانه يجوز أن يكون حدث بعد الوصيه فلم تصح الوصيه بالشك فإن ألقتله ميتا لم تصح الوصيه لانه لا يتيقن حياته حال الوصيه، ولهذا لا يحكم له بالارث فلم يحكم له بالملك بالوصية، فإن وصى لما تحمل هذه المرأة لم تصح الوصية.
وقال أبو إسحاق تصح والمذهب الاول لانه تمليك لمن لا يملك فلم يصح
(فصل)
فإن قال وصيت بهذا العبد لاحد هذين الرجلين لم يصح لانه تمليك لغير معين، فإن قال أعطوا هذا العبد أحد هذين الرجلين جاز لانه ليس بتمليك وانما هو وصية بالتمليك، ولهذا لو قال بعت هذا العبد من أحد هذين الرجلين لم يصح ولو قال لوكيله بع هذا العبد أحد هذين الرجلين جاز
(فصل)
فإن أوصى لعبده كانت الوصيه لوارثه، لان العبد لا يملك فكانت الوصيه للوارث، وقد بيناه، فإن وصى لمكاتبه صحت الوصيه، لان المكاتب يملك المال بالعقد فصحت له الوصيه، فإن وصى لام ولده صحت لانها حرة عند الاستحقاق، فإن وصى لمدبره وعتق من الثلث صحت له الوصيه