إذا أوصى بشجرة مدة أو بما تثمر أبدا صحت لجواز ملك المعدوم ومن ثم لم يملك واحد من الموصى له أو الوارث إجبار الآخر على سقيها لانه
لا يجبر على سقى ملكه ولا سقى ملك غيره، وإذا أراد أحدهما سقى الشجرة على وجه لا يضر بصاحبه لم يملك الآخر منعه، وإذا يبست الشجرة كان حطبها للوارث، لان الموصى له ليس له منها إلا الثمرة، وان وصى له بثمرتها سنة بعينها لم يتحمل تلك السنة فلا شئ للموصى له.
وان قال: لك ثمرتها أول العام الذى تثمر فيه صح وله ثمرتها أول عام تثمر وكذلك إذا أوصى له بما تحمل شاته، وان أوصى لرجل بشجرة ولآخر بثمرتها صح وكان صاحب الرقبة قائما مقام الوارث وله ماله، وان وصى بلبن شاة وصوفها صح كما تصح الوصيه بثمرة الشجرة، وكذلك ان وصى بلبنها خاصة أو صوفها خاصة صح، ويقوم الموصى به دون العين.
(فرع)
تجوز الوصية بالمنافع فقد قال الشافعي رضى الله عنه: ولو أوصى بخدمة عبده أو بغلة داره وثمرة بستانه والثلث يحتمله جاز ذلك اه.
قلت: ان الوصايا بمنافع الاعيان جائزة كالوصايا بالاعيان لانه لما صح عقد الاجارة عليها صح بالاولى الوصيه بها، وسواء قدرت بمدة أو جعلت مؤبدة، وقال ابن أبى ليلى: ان قدرت بمدة تصح فيها الاجارة صحت، وان لم تقدر بمدة تصح فيها الاجارة بطلت، حملا للوصية على الاجارة.
وذهب الشافعي وأبو حنيفة وجمهور الفقهاء إلى جواز الوصية بها على التأبيد بخلاف الاجارة لان الو صايا تجوز مع الجهالة فإذا صح جوازها مقدرة ومؤبدة فقد ذكر الشافعي رضى الله عنه الوصيه بخدمة العبد وغلة الدار وثمرة البستان، فأما الوصية بخدمة العبد فله أن يؤاجره وله أن يستخدمه كما يجوز له أن يوصى لفلان بفرسه ولآخر بركوبها فيكون لاحدهما عينها وللآخر منفعتها عَلَى مَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(فرع)
الوصيه بالميته جائزة لانه قد يدبغ جلدها ويطعم بزاته لحمها، وكذلك
الوصيه بالروث والزبل، لانه قد ينتفع به في تسميد الارض واخصابها للغرس والزرع، ولاشك أن الشرع الحكيم بسماحته واحاطته بمصالح البشر لم يقف من