أحدهما: العطية، والثانى الولاية، فاما العطية فهو ما يوصى به الرجل من أمواله لمن أحب، فالوقت الذى يصح فيه قبول ذلك ودره بعد موت الموصى، فان قبل أو رد بعد موته صح، وكان على ما مضى من حكم القبول والرد، فأما في حياة الموصى فلم يصح قبوله ولا رده.
وقال أبو حنيفة: يصح الرد ولا يصح القبول، لان الرد أوسع حكما من القبول، وهذا فاسد لامور، منها ان الرد في مقابلة القبول لانهما معا يرجعان إلى الوصية، فلما امتنع أن يكون ما قبل الموت زمانا للقبول، امتنع أن يكون زمانا للرد وصار كزمان ما قبل الوصية الذى لا يصح فيه قبول ولا رد، وعكسه ما بعد الموت لما صح فيه القبول صح فيه الرد، ومنها ان الرد في حال
الحياة عرف، وقيل: وقت الاستحقاق، فجرى مجرى العفو عن القصاص قبل وجوبه، وعن الشفعة قبل استحقاقها، ومنها انه قبل الموت مردود عن الوصية فلم يكن رده لها مخالفا لحكمها.
وأما الوصية بالولاية على مال طفل أو تفريق ثلثه أو تنفيذ وصية فيصح قبولها وردها في حياة الموصى وبعد موته بخلاف وصايا العطايا، وكان قبوله في حياة العاقد أصح، وذلك عطية تقبل في زمان التمليك، ولو رد الوصية في حياة الموصى لم يكن له قبلوها بعد موته ولا في حياته، ولو قبلها في حياة الموصى صحت وكان له المقام عليها إن شاء والخروج منها إذا شاء في حياة الموصى وبعد موته.
وقال أبو حنيفة.
ليس له الخروج من الوصية بعد موت الموصى، ويجوز له الخروج منها في حياته إذا كان حاضرا، وان غاب لم يجز وهذا فاسد من وجهين
(أحدهما)
ان ما كان لازما من العقود استوى حكمه في الحياة وبعد الموت وما كان غير لازم بطل، فالموت والوصيه ان خرجت عن أحدهما صارت أصلا يفتقر إلى دليل
(والثانى)
لو كان حضور إلى شرطا في الخروج من الوصية لكان رضاه معتبرا، وفى اجماعهم على ان رضاه، وان كان حاضرا غير معتبر دليل على ان الحضور غير معتبر، ولا يخلو إذا رد الوصيه من خمسة أحوال،