قبول الموصى له ورده، وحقه في القبول باق ما لم يعلم، فإذا علم فان كان عند انفاذ
الوصايا وقسمة التركة فقبوله على الفور، فان قبل والا بطل حقه في الوصية، فاما بعد علمه وقبل انفاذا الوصايا وقسمة التركة، فمذهب الشافعي وقول جمهور أصحابه أن القول فيه على التراخي لاعلى الفور فيكون ممتدا ما لم يصرح بالرد حتى تنفذ الوصايا وتقسم التركة، وحكى أبو القاسم بن كج عن بعض أصحابنا ان القبول بعد علمه على الفور لانها عطيه كالهبات، وحكى ابن عبد الحكم عن الشافعي قولا ثالثا ان الوصية تدخل في ملك الموصى له بغير قبول ولا اختيار كالميراث، فاختلف أصحابنا في تخرجه قولا ثالثا للشافعي فخرجه أبو على بن أبى هريرة وأكثر متأخرى المتقدمين من أصحابنا قولا ثالثا تعليلا بالميراث، وامتنع أبو اسحاق المروزى واكثر قدامى المتقدمين من أصحابنا من تخريجه قولا ثالثا، وتأولوا رواية ابن عبد الحكم بأحد تأويلين، إما حكاية عن مذهب غيره، وإما على معنى أن بالقبول يعلم دخولها بالموت في ملكه، وفى طبيعة الوصية والفرق بينها وبين الميراث بأن الميراث عطية من الله تعالى فلم يراع فيه القبول، والوصية عطية من آدمى فروعي فيها القبول (فرع)
قال الشافعي: ولو مات قبل أن يقبل أو بعد موته، فإن مات الموصى له في حياة الموصى فالذي عليه جمهور الفقهاء أن الوصية له قد بطلت وليس لوارثه قبولها بعد موت الموصى.
وحكى عن الحسن البصري أن الوصية لا تبطل بموته، ولورثته قبولها.
قال الماوردى: وهذا فاسد من وجهين، أن الوصية في غير حياة الموصى غير لازمة، وما ليس بلازم من العقود يبطل بالموت، ولان الوصية له لا لورثته، وهو لا يملك الوصيه في حياة الموصى.
وإن مات الموصى له بعد موت الموصى لم يخل حال الموصى له قبل موته من ثلاثة أحوال، أحدها: أن يكون قد قبلها قبل موته وبعد موت الموصى فقد
بطلت برده وليس لوارثه قبولها بعد موته إجماعا.
والحال الثانية: أن يكون قد قبلها قبل موته وبعد موت الموصى فقد ملكها أو انتقلت بموته إلى وارثه، وسواء