انه يضمن اقل ما يجزئ ان يعطيه ثالثا ويخص به غارما في بلد المال، ومن كان منهم ذا رحم أولى لما في صلتها من زيادة الثواب، فان لم يكونوا فجيران المال لقوله تعالى (والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب) ولقوله صلى الله عليه وسلم (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه) قال الشافعي: واقصى الجوار منهم اربعون دارا من كل ناحية، وهكذا لو أوصى لجيران كان جيرانه منتهى اربعين دارا من كل ناحية، وقال قتادة.
الجار الدار والداران، وقال سعيد بن جبير: هم الذين يسمعون الاقامة، وقال أبو يوسف هم اهل المسجد.
ودليلنا ما روى ان رجال كان نازلا بين قوم فاتى للنبى صلى الله عليه وسلم يشكوهم، فبعث النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ وعمر وعليا رضى الله عنهم وقال: اخرجوا إلى باب المسجد وقولوا: الا أن الجوار أربعون دارا.
قلت: فإذا صح ما استدل به الماوردى من بعث الصحابة الثلاثة ليبلغوا عنه صلى الله عليه وسلم هذا كان دليلا مسندا للمذهب والا كان تحديد الاربعون اجتهادا وعرفا يصار اليهما على انه قد استغل بعض السفهاء من واضعى الحديث حث القرآن والسنة على حسن الجوار فجعلوه مرتعا لاحاديث غير شريفة، من ذلك ماروى عن جابر رضى الله عنه مرفوعا (الجيران ثلاثه: جار له حق واحد وهو ادنى الجيران وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق، فاما الذى له حق واحد فجار مشرك لا رحم له، له حق الجوار، واما الذى له الحقان فجار مسلم له حق الاسلام وحق الجوار، واما الذى له ثلاثة حقوق فجار مسلم ذو رحم له حق الاسلام وحق الجوار وحق الرحم، وهذا الحديث رواه البزار عن شيخه محمد الحارثى وهو وضاع، وفيما روى من الاحاديث الصحيحة غنى، الا ان الحديث الذى ساقه الماوردى قد رواه الطبراني عن كعب بن مالك ولفظه، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فقال: يا رسول الله انى نزلت في محلة بنى فلان، وان أشدهم