ورضى الموصى باجتهاده واجتهاد من يراه فصح كما لو وصى اليهما معا، وهذا قول أكثر أهل العلم، واليه ذهب أحمد وأصحابه.
وقالوا لانه مأذون له في الاذن في التصرف فجاز له أن يأذن لغيره كالوكيل إذا أمر بالتوكيل، وما قال الشافعي في الوصايا أراد إذا أطلق الوصية.
ومن أصحابنا من قال: فيه فولان.
أحدهما: يجوز لما أثبتناه، والثانى: لا يجوز لانه ليس له أن يوصى لانه بتوليه فلا يصح أن يولى فيما لا ولاية له فيه.
أما إذا وصى له وأذن له في أن يوصى إلى فلان بعده بعينه ففيه وجهان
(أحدهما)
يجوز، لانه لم يترك له اعمال الوصع ولا بذل الجهد في تعيينه فقد أذن له أن يوصى إليه معينا باسمه فصح كما لو أوصى له ثم من بعده إلى فلان، والثانى: أنه كالمسأله قبلها لانه كان بوسعه أن يوصى إليه من بعده، ولكنه أذن له في الوصية فكأنه جعل الوصية من شأنه.
وجملة ذلك أنه لا يجوز للوصي أن يوصى إلى غيره، وهو قول الشافعي واسحاق وأحد قولى أحمد.
والظاهر من مذهب الخرقى من الحنابلة لقوله في ذلك في الوكيل لانه يتصرف بتوليه فلم يكن له التفويض كالوكيل.
وقال مالك وابو حنيفة والثوري وابو يوسف وأحمد في أحد قوليه له أن يوصى إلى غيره.
(فرع)
يصح قبول الوصية وردها في حياة الموصى، لانها اذن في التصرف فصح قبوله بعد العقد كالوكيل، وهى لا تتم الا بالقبول كالوصية له، والفرق بينهما أن الاولى اذن له في التصرف والثاينة تمليك في وقت فلم يصح القبول قبل الوقت، هذا وجه والوجه الاخر أنه يجوز تأخير القبول إلى ما بعد الموت لانها نوع وصية فصح قبولها بعد الموت كالوصية له، ومتى قبل صار وصيا وله عزل نفسه متى شاء مع القدرة والعجز في حياة الموصى، وبعد موته بمشهد منه وفى
غيبته، وبهذا قال الشافعي وأحمد.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز له ذلك بعد الموت بحال ولا يجوز في حياته الا بحضرته: لانه غره بالتزام وصيته ومنعه بذلك الايصاء إلى غيره، وذكر ابن ابى موسى رواية عن أحمد: ليس له عزل نفسه بعد الموت لذلك، وهذا فاسد لانه متصرف باذن فكان له عزل