للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتحقق أنه له ففيه وجهان

(أحدهما)

يصح، وهو قول أبى إسحاق، لانه دخل في ضمانه فنفد بيعه فيه كما لو بالكيل

(وَالثَّانِي)

لَا يَصِحُّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ ابن أبى هريرة، وهو المنصوص في الصرف، لانه باعه قبل وجود القبض المستحق بالعقد، فلم يصح بيعه كما لو باعه قبل أن يقبضه، فإن دفع إليه بالكيل ثم ادعى أنه دون حقه فان كان ما يدعيه قليلا قبل منه، وإن كان كثيرا لم يقبل لان القليل يبخس به، والاصل عدم القبض والكثير لا يبخس به فكان دعواه مخالفا للظاهر فلم يقبل.

(الشرح) إذا أسلم إليه في شئ كيلا فأعطاه إياه وزنا، أو أسلم فيه وزنا فأعطاه كيلا لم يصح القبض، لان الكيل والوزن يختلفان، لان الرزين الرصين الثقيل يقل كيله ويكثر وزنه، والخفيف يقل وزنه ويكثر كيله، وهذا ما اتفق عليه أئمتنا وأئمة المذاهب.

قال ابن قدامة في المغنى من الحنابلة: ولا يقبض المكيل إلا بالكيل، ولا الموزون إلا بالوزن، ولا يقبضه جزافا ولا بغير ما يقدر به، لان الكيل والوزن يختلفان، فإن قبضه بذلك فهو كقبضه جزافا، فيقدره بما أسلم فيه، ويأخذ قدر حقه ويرد الباقي، ويطالب بالعوض، وهل له أن يتصرف في قدر حقه منه قبل

أن يعتبره؟ على وجهين - مضى ذكرهما في بيوع الاعيان - وإن اختلفا في قدره فالقول قول القابض مع يمينه اه.

وقال الشافعي رضى الله عنه: لو أعطاه طعاما فصدقه في كيله لم يجز، فإن قبض فالقول قول القابض مع يمينه، وجملة ذلك أنه إذا كان له في ذمة رجل طعام أو اشترى منه عشرة أقفزة (١) من صبرة (٢) بعينها، فسلم إليه من عليه الطعام طعاما من غير كيل، وأخبره بكيله فصدقه على كيله أو لم يصدقه لم يجز له


(١) القفيز مكيال معتبر عندهم كانوا يقولون عنه: إنه ثمانية مكاكيك.
(٢) الصبرة الكومة من أي شئ وقد نجد في أسواق القرى من يبيعون التمر أو العنب أكواما جزافا بغير كيل ولا وزن فهذه هي الصبرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>