والضرب الرابع، من لا تتوق نفسه وهو قادر على المهر والنفقة ولا يريد العبادة فهل يستحب له أن يتزوج؟ فيه قولان حكاهما العمرانى في الفروع،
(أحدهما)
لا يستحب له أن يتزوج لانه يشغل ذمته بما لا حاجة به إليه.
(والثانى)
يستحب له لقوله صلى الله عليه وسلم (من أحب فطرتي فليستن بسنتى، ومن سنتى النكاح.
وقال أبو حنيفة النكاح مستحب بكل حال، وبه قال بعض أصحابنا، بل قال أبو عوانة الاسفرايينى من محدثي أصحاب الشافعي (انه يجب للثائق إليه القادر على مؤنته) وصرح به في صحيحه، ونقله المصعبى في شرح مختصر الجوبنى وجها وقال ابن حزم في المحلى وفرض على كل قادر على الوطئ إن وجد ما يتزوج به أو يتسرى أن يفعل أحدهما، فإن لم يجد فليكثر من الصوم، وهو قول جماعة من السلف.
انتهى.
وقال الماوردى من أصحابنا الذى نطق به مذهب مالك أنه مندوب، وقد يجب عندنا في حق من لا ينكف عن الزنا إلا به.
وقال القاضى عياض هو مندوب في حق كل من يرجى منه النسل، ولو لم يكن في الوطئ شهوة، وكذا في حق من له رغبة في نوع من الاستمتاع بالنساء غير الوطئ.
فأما من لا نسل له ولا إرب له في النساء ولا في الاستمتاع فهذا مباح في حقه إذا علمت المرأة بذلك ورضيت.
وقد يقال انه مندوب أيضا لعموم (لا رهبانيه في الاسلام) قال الحافظ بن حجر ولم أره بهذا اللفظ.
لكن في حديث سعد بن أبى وقاص عند الطبراني (إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفيه السمحه)
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل)
والمستحب أن لا يتزوج إلا ذات دين لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (تنكح المرأة لاربع، لمالها وحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) ولا يتزوج إلا ذات عقل، لان القصد بالنكاح العشرة وطيب العيش، ولا يكون ذلك الا مع ذات عقل، ولا يتزوج إلا من يستحسنها لما روى أبو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عن