عند ابتداء النكاح أولى، ولان عليه النفقة لها ولعيالها منه فلا يستطيع أن ينفق نفقة الموسرين.
وأما أهل الصنعة الدنيئة، كالحمامي والزبال وما أشبههم، وقد كانوا يعتبرون الحائك منهم لنص الحديث (إلا الحائك والحجام) فإن للصنعة تأثيرا في الكفاءة ولان الصنعة الدنيئة نقص في العادة فاعتبرت.
فأما اليسار فاختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال إنه معتبر بالمعسر ليس بكفء للموسرة لقوله صلى الله عليه وسلم (الحسب المال) ولانه لما ثبت أن العبد لا يكافئ الحرة لعجزه عن الانفاق عليها نفقة الموسر فكذلك المعسر، فعلى هذا لا يعتبر أن يكون الرجل مثل المرأة في اليسار في جميع الوجوه، بل إذا كان كل واحد موسرا يسارا ما تكافأ، وان اختلفا في المال.
ومنهم من قال اليسار غير معتبر في الكفاءة، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يكن من أهل اليسار ومات ودرعه مرهونة عند يهودى في طعام أهله، ولان الفقر ليس بنقص في الكفاءة في العادة لان المال يغدو ويروح، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابنى خالد لا تيأسا من رزق الله تعالى.
وأما السلامه من العيوب فهى معتبرة في الكفاءة، والعيوب في الرجال الجنون والجذام والبرص والجب والعنة، والعيوب في النساء الجنون والجذاء والبرص
والرتق (١) والقرن ولها أحكام تأتى في بابها.
قال الصيمري واعتبر قوم البلدان، فقالوا ساكنوا مكة والمدينة والبصرة والكوفة ليسوا بأكفاء لمن يسكن الجبال.
وهذا ليس بشئ، وليس للحسن والقبح والطول والقصر والسخاء والبخل ونحو ذلك مدخل في الكفاءة، لان ذلك ليس بنقص في العادة ولا عار فيه ولا ضرر، واليتان لرجل يدعى عروة الصعاليك كان يجمع الفقراء في حظيرة ويرزقهم مما يغنم، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
(١) الرتقاء التى لا يستطاع جماعها أو لا خرق لها إلا المبال خاصة.