للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبيع أحدهما بالآخر عينا بعين وإن لم تجمعهما علة واحدة في الربا كالدراهم بالحنطة والثوب بالثوب ففيه وجهان

(أحدهما)

يجوز أن يتفرقا من غير قبض كما يجوز إذا باع أحدهما بالآخر عينا بعين ان يتفرقا من غير قبض

(والثانى)

لا يجوز، لان المبيع في الذمة فلا يجوز أن يتفرقا قبل قبض عوضه كالمسلم فيه، والله تعالى أعلم.

(الشرح) الاحكام: الاقالة فسخ وليست ببيع على المشهور من المذهب سواء كان قبل القبض وبعده، وبه قال أبو حنيفة رحمه الله لانه يقول: هي بيع في حق غير المتعاقدين، فتثبت بها الشفعة، وقال أبو يوسف رحمه الله: إن كان قبل القبض فهى فسخ، وإن كان بعد القبض فهى بيع، وقال مالك رحمه الله: هي بيع بكل حال.

وحكى القاضى أبو الطيب أنه قول قديم للشافعي رحمه الله، وأما أبو حامد فحكاه وجها لبعض أصحابنا.

دليلنا أن المبيع عاد إلى البائع بلفظ لا ينعقد به البيع فكان فسخا كالرد بالعيب.

إذا ثبت هذا: فإن سلم رجل إلى غيره شيئا في شئ ثم تقايلا في عقد السلم صح، وقد وافقنا مالك رحمه الله على ذلك وهذا من أوضح دليل على أن الاقالة فسخ، لانها لو كانت بيعا لما صح في المسلم فيه قبل القبض، كما لا يصح بيعه، وإن أقاله في بعض المسلم فيه صح في القدر الذى أقاله.

وقال ابن أبى ليلى.

يكون إقالة في الجميع.

وقال ربيعة ومالك لا يصح.

دليلنا أن الاقالة مندوب إليها بدليل قوله صلى الله عليه وسلم " من أقال نادما في بيع أقاله الله نفسه يوم القيامة " وما جاز في جميع المبيع جاز في بعضه كالابراء والانظار، وان أقاله بأكثر من الثمن أو بأقل منه إلى جنس آخر لم تصح الاقالة.

وقال أبو حنيفة تصح الاقالة، ويجب رد الثمن المسمى في العقد، دليلنا أن المسلم

والمشترى لم يسقط حقه من المبيع الا بشرط العوض الذى شرطه، فإذا لم يصح له العوض لم تصح له الاقالة، كما لو اشترى منه داره بألف بشرط العوض الذى شرطه، فإذا لم يصح له العوض لم تصح له الاقالة، كما لو اشترى منه داره بألف بشرط أن يبيعه سيارته بألف.

<<  <  ج: ص:  >  >>