تصريحا فقد قال في فتح الباري: لا خلاف في التحريم، وان كان ظاهرا ففيه وجهان في المذهب.
وقال ابن حزم: إن لفظ الحديث لا يدل على اشتراط الركون، وتعقب بأنه لابد من أمر مبين لموضع التحريم في السوم لان السوم في السلعه التى تباع فيمن يزيد لا يحرم اتفاقا كما حكاه في الفتح عن ابن عبد البر فتعين أن السوم المحرم ما وقع فيه قدر زائد على ذلك، وأما صورة البيع على البيع، والشراء على الشراء فهو ان يقول لمن اشترى سلعة في زمن الخيار: افسخ لابيعك بأنقص، أو يقول للبائع افسخ لاشتري منك بأزيد.
قال في فتح الباري: وهذا مجمع عليه.
وقد اشترط بعض الشافعية في التحريم أن لا يكون المشترى مغبونا غبنا
فاحشا وإلا جاز البيع على البيع، والسوم على السوم لحديث: الدين النصيحة.
وأجيب عن ذلك بأن النصيحة لا تنحصر في البيع على البيع والسوم على السوم لانه يمكن أن يعرفه ان قيمتها كذا فيجمع بذلك بين المصلحتين كذا في الفتح.
قال الشوكاني: وقد عرفت أن أحاديث النصيحة أعم مطلقا من الاحاديث القاضية بتحريم أنواع من البيع فيبنى العام على الخاص.
واخلفوا في صحة البيع المذكور فذهب الجمهور إلى صحته مع الاثم وذهبت الحنابلة والمالكية إلى فساده في إحدى الروايتين عنهم وبه جزم ابن حزم في المحلى وابن تيمية في فتاواه الكبرى.
والخلاف يرجع إلى ما تقرر في الاصول من أن النهى المقتضى للفساد هو النهى عن الشئ لذاته، ولو صف ملازم لا لخارج.
وأما حديث أنس فقد رواه احمد والترمذي وحسنه وقال لا نعرفه إلا من حديث الاخضر بن عجلان عن أبى بكر الحنفي عنه، وأخرجه أيضا أبو داود والنسائي، وأعله ابن القطان بجهل حال أبى بكر الحنفي، ونقل عن البخاري أنه قال لم يصح حديثه، ولفظ الحديث عند أبى داود وأحمد " أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى على قدح وحلس لبعض أصحابه، فقال رجل هما على بدرهم، ثم قال آخرهما على بدرهمين " وفيه " إن المسأله لا تحل إلا لاحد ثلاثة ".