فإن أسلم الزوج قبل انقضاء العدة فهى زوجته، وان انقضت عدتها فلها أن تنكح من شاءت، وان أحبت انتظرته، وإذا أسلم كانت زوجته من غير حاجة إلى تجديد نكاح، قال: ولا نعلم أحدا جدد بعد الاسلام نكاحه ألبتة، بل كان الواقع أحد الامرين اما افتراقهما ونكاحها غيره واما بقاؤهما على النكاح الاول إذا أسلم الزوج، وأما تنجيز الفرقة أو مراعاة العدة فلم يعلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بواحد منهما مع كثرة من أسلم في عهده، وهذا كلام في غاية الحسن والمنانة.
قال: وهذا اختيار الخلال وأبى بكر صاحبه وابن المنذر وابن حزم، وهو مذهب الحسن وطاوس وعكرمة وقتادة والحكم.
قال ابن حزم: وهو قول عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وابن عباس ثم عد آخرين، وقد ذهب إلى أن المرأة إذا أسلمت قبل زوجها لم تخطب حتى تحيض وتطهر ابن عباس وعطاء وطاوس والثوري وفقهاء الكوفة ووافقهم أبو ثور واختاره ابن المنذر واليه جنح البخاري، وشرط أهل الكوفه ومن وافقهم
أن يعرض على زوجها الاسلام في تلك المدة فيمتنع ان كانا معا في دار الاسلام وقد روى عن أحمد أن الفرقه تقع بمجرد الاسلام من غير توقف على مضى العدة كسائر أسباب الفرقه من رضاع أو خلع أو طلاق.
قال في البحر: إذا أسلم أحدهما دون الآخر انفسخ النكاح اجماعا ثم قال بعد ذلك: ومذهب الشافعي ومالك وأبى يوسف على أن الفرقه بإسلام أحدهما فسخ لا طلاق إذا العلة اختلاف الدين كالردة.
وقال ابو العباس وابو حنيفة ومحمد: بل طلاق حيث اسلمت وابى الزوج، إذ امتناعه كالطلاق قلنا بل كالردة اه.
وجملة ما اوردنا في هذا البحث ان اهل الشرك انكحتهم صحيحه وطلاقهم واقع وينبنى على هذا انه إذا نكح مشرك مشركة وطلقها ثلاثا لم تحل له الا بعد زوج، ولو نكح مسلم ذميه ثم طلقها ثلاثا ثم نكحها ذمى ودخل بها وطلقها الذمي حلت للمسلم الذى طلقها بعد انقضاء عدتها، فيتعلق بأنكحتهم سائر الاحكام التى تتعلق بأنكحة المسلمين، وبه قال الزهري والاوزاعي وابو حنيفة واصحابه.
وقال مالك: انكحة اهل الشرك باطله فلا يتعلق بها حكم من احكام النكاح الصحيح، وحكاه اصحابنا الخراسانيون قولا آخر للشافعي.