دليلنا قوله تعالى (إنى أريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين على أن تأجرني ثمانى حجج) فذكر أن الرعى صداق في شرع من قبلنا ولم يعقبه بنكير، وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة التى وهبت نفسها مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للذى خطبها بما معه من القرآن، تقديره على تعليم ما معه من القرآن، لان القرآن لا يجوز أن يكون صداقا، ولان كل منفعة جاز أن يستحق بعقد الاجارة جاز أن يستحق بعقد النكاح كمنفعة العبيد والارض.
(فرع)
وما لا يصح بيعه كالكلب والخنزير والسرجين والمجهول والمعدوم وما لم يتم ملكه عليه والمنافع التى لا يصح الاستئجار عليها لا يصح أن يكون شئ من ذلك صداقا لانه عوض في عقد فلم يصح فيها ذكره، كالبيع والاجارة إذا ثبت هذا فان عقد النكاح لمهر باطل أو مجهول لم يبطل النكاح، وبه قال أبو حنيفة وأكثر أهل العلم.
وقال مالك رحمه الله لا يصح النكاح.
وحكى المسعودي أنه قول الشافعي رحمه الله في القديم، وليس بمشهور.
ولم يفصل بين أن يكون المهر صحيحا أو فاسدا ولانه عقد نكاح فلم يبطل بفساد المهر كما لو تزوجها على دراهم مغصوبة، فإن مالكا وافقنا على هذا، ولان النكاح إذا انعقد مع عدم ذكر المهر فلان ينعقد مع فساده أولى، فإذا عقد النكاح بمهر باطل وجب لها مهر المثل أو المسمى.
دليلنا أنها دخلت في العقد على أن يكون لها المسمى، فإذا لم يسلم وتعذر رجوعها إلى بعضها رجعت إلى قيمته، كما لو اشترى عبدا شراء فاسدا وقبضه وتلف في يده.
وإن تزوجها على شئ موصوف في ذمته لزمه تسليم ذلك على ما وصف.
وقال أبو حنيفة وأحمد: إن شاء سلم الموصوف بصفته وان شاء دفع قيمته وعن أبى حنيفة في الثوب صداقا روايتان، إحداهما كقولنا أنه يسلم الثوب الموصوف الذى في ذمته، والثانية دفع قيمته، دليلنا أن هذه تسمية صحيحه فلم يخير بين دفع المسمى وبين دفع قيمته كالمكيل والموزون