فلم يجز وان أراد حيلة يقع بها العتق وتتزوج به ففيه وجهان
(أحدهما)
وهو قول أبى على بن خيران أنه يمكنه ذلك بأن يقول ان كان في معلوم الله تعالى إنى إذا أعتقتك تزوجت بى فانت حرة فإذا تزوجت به علمنا أنه قد وجد شرط العتق وإن لم تتزوج به علمنا أنه لم يوجد شرط العتق
(والثانى)
وهو قول أكثر أصحابنا أنه لا يصح ذلك ولا يقع العتق ولا يصح النكاح لانه حال ما تتزوج به نشك أنها حرة أو أمة والنكاح مع الشك لا يصح فإذا لم يصح النكاح لم تعتق لانه لم يوجد شرط العتق، وان أعتقت إمرأة عبدا على أن يتزوج بها وقبل العبد عتق ولا يلزمه أن يتزوج بها لما ذكرناه في الامة ولا يلزمه قيمته لان النكاح حق للعبد فيصير كما لو أعتقته بشرط أن تعطيه مع العتق شيئا آخر ويخالف الامة فان نكاحها حق للمولى فإذا لم يسلم له رجع عليها بقيمتها.
وإن قال رجل لآخر أعتق عبدك عن نفسك على أن أزوجك ابنتى فأعتقه لم يلزمه التزويج لما ذكرناه، وهل تلزمه
قيمة العبد فيه وجهان بناء على القولين فيمن قال لغيره أعتق عبدك عن نفسك وعلى ألف فأعتقه، أحدهما يلزمه كما لو قال أعتق عبدك عنى على ألف، والثانى لا يلزمه لانه بذل العوض على ما لا منفعة له فيه.
(الشرح) إذا ترافع ذميان إلى حاكم المسلمين ليحكم بينهما في ابتداء العقد لم يحكم به بين المسلمين، فإن كانت المنكوحة بكرا أجبرها الاب والجد، وإن كانت ثيبا لم يصح تزويجها إلا بإذنها، وإن عضلها الولى زوجها حاكم المسلمين لانه يلى عليها بالحكم، وإن تحاكما في استدامته فإنه لا اعتبار بانعقاده على أي وجه كان، ولكن ينظر فيها، فان كانت ممن لا يجوز له ابتداء نكاحها في هذه الحال فرق بينهما، فان كانت ممن يجوز له ابتداء نكاحها أقرهما على نكاحها وان كان قد عقد لها بولي غير مرشد أو بغير شهود لانه عقد مضى في الشرك، فلا يجوز تتبعه ومراعاته، لان في ذلك إلحاق مشقة، وتنفيرا لهم عن الدخول في الطاعة، وفى هذا المعنى نزل قوله تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وذروا ما بقى من الربا) فأمر بترك ما بقى في أيديهم من الربا وعفى عما قبض في الشرك،