أو أحدهما فإن قلنا: إنها ملكت بالعقد أن تملك مهر المثل لم تصح فرضهما، لان المفروض بدل عن مهر المثل، فلا بد أن يكون المبدل معلوما عندهما، وإن قلنا: ملكت بالعقد أن تملك مهرا ما صح فرضهما، وإذا فرض لها الحاكم لم يفرض لها إلا من نقد البلد، لانه بدل بضعها التالف فهو كما لو أتلف عليها عينا من مالها، وان فرضه الزوجان بينهما جاز أن يفرضا نقدا أو عرضا مما يجوز تسميته في العقد، ولا يلزم إلا ما اتفقا عليه من ذلك، وإذا فرض لها مهر صحيح كان ذلك كالمسمى في العقد يستقر بالدخول أو بالموت وينتصف بالطلاق قبل الدخول.
وقال أبو حنيفة: إذا طلقها قبل الدخول سقط المفروض ووجب لها المتعة، دليلنا قوله تعالى (فنصف ما فرضتم) الآية.
ولانه مهر واجب قبل الطلاق فينصف بالطلاق كالمسمى لها في العقد.
(فرع)
ويستحب أن لا يدخل بها حتى يفرض لها لئلا يشتبه بالموهوبة، فإن لم يفرض لها حتى وطئها استقر عليه مهر المثل، لان الوطئ في النكاح من غير مهر خالص للنبى صلى الله عليه وسلم، فإن طلقها قبل القبض والمسيس لم يجب لها المهر لقوله تعالى (نصف ما فرضتم إلا أن يعفون) الآية، وهذا لم يفرض شيئا، وإن مات أحدهما قبل القبض والمسيس توارثا ووجب عليها عدة الوفاة إن مات الزوج قبلها بلا خلاف، لان الزوجية ثابتة بينهما إلى الموت، وهل لها مهر المثل؟ فيه قولان.
أحدهما: يجب لها مهر مثلها، وبه قال ابن مسعود رضى الله عنه وابن شبرمة وابن أبى ليلى وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق إلا أن أبا حنيفة يقول: يجب لها مهر مثلها بالعقد، ووجه هذا القول ما روى عبد الله بن عتبة بن مسعود أن ابن مسعود سئل عن رجل تزوج إمرأة ولم يسم لها مهرا فمات عنها قبل الدخول فقال عبد الله: أقول فيها برأيى، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمنى ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان، لها الميراث وعليها العدة ولها مهر مثلها، لا وكس ولا شطط، فقام إليه معقل بن سنان الاشجعى وقال: أشهد لقضيت