وإذا قال الصحابي: كنا نفعل الشئ الفلاني كان له حكم الرفع عند أكثر المحدثين لان الظاهر اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم وإقراره، وأما إذا لم يضفه إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم ففيه خلاف في رفعه، ويشبه ذلك ما أخرجه البخاري عن ابن عمر: كنا نتقى الكلام والانبساط إلى نسائنا هيبة أن ينزل فينا شئ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم تكلمنا وانبسطنا.
وأخرج مسلم من طريق أبى الزبير عن جابر قال (كنا نعزل فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبلغ ذلك نبى الله فلم ينهنا) ومن وجه آخر عن أبى الزبير عن جابر أن رجلا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال (إن لى جارية وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها، فلبث الرجل ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت، قال: قد أخبرتك) ووقعت هذه القصة عنده من طريق سفيان بن عيينة بإسناد آخر إلى جابر وفى آخره فقال (أبا عبد الله ورسوله) وأخرجه أحمد وابن ماجه وابن أبى شيبة بسند آخر على شرط الشيخين بمعناه.
وفي الصحيحين وغيرهما مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزوة بنى المصطلق فسبينا كرائم العرب فطالت علينا العزبة ورغبنا في الفداء، فأردنا أن نستمتع ونعزل فقلنا: نفعل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا لا نسأله، فَسَأَلْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لا عليكم أن لا تفعلوا، ما كتب الله عز وجل خلق بسمة هي كائنة إلى يوم القيامة، إلا ستكون) ومن ثم تكون جملة ما تقدم أن العزل برضى الحرة جائز عند أبى حنيفة
ومالك وأحمد وعند ابن حزم يحرم العزل، وعند الشافعية وجهان، أحدهما المنع واليه ذهب الرويانى في بحر المذهب، وكرهه العمرانى في البيان.
قال في الفتح: نعم جزم ابن حزم بوجوب الوطئ وبتحريم العزل، واستند إلى حديث جذامة بنت وهب أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ العزل فقال: ذلك الوأد الخفى.
أخرجه مسلم والترمذي وصححه من طريق معمر عَنْ يَحْيَى بْنِ