الزوجين، وقيل: ان الضمير في قوله تعالى: يوفق الله بينهما، للحكمين، كما في قوله: ان يريدا اصلاحا: أي يوفق الله بين الحكمين في اتحاد مقصودهما، وقيل كلا الضميرين للزوجين، أي ان يريدا إصلاح ما بينهما من الشقاق أوقع الله تعالى بينهما الالفة والوفاق، وإذا اختلف الحكمان لم ينفذ حكمهما، ولا يلزم قولهما بلا خلاف.
قال في البيان: وهل هما وكيلان من قبل الزوجين أو حاكمان من قبل الحاكم
فيه قولان
(أحدهما)
أنهما وكيلان من قبل الزوجين، وبه قال أبو حنيفة وأحمد لما روى عبيدة التلمانى قال: جاء إلى على بن أبى طالب رجل وامرأة ومع كل واحد منهما قيام من الناس بغير جماعة، فقال على كرم الله وجهه: ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها، ثم قال للحكمين: أتدريان ما عليكما؟ ان رأيتما أن تجمعا، وان رأيتما: أن تفرقا، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله لى وعلى، وقال الرجل: أما الجمع فنعم، وأما التفريق فلا، فقال على: كذبت لا والله لا تتزوج حتى ترضى بكتاب الله لك وعليك فاعتبر رضاه، ولان الطلاق بيد الزوج، وبذل العوض بيد المرأة، فافتقر إلى رضاهما، فعلى هذا لا بد أن يوكل كل واحد منهما الحاكم من قبله على الجمع أو التفريق
(والثانى)
أنهما حكمان من قبل الحاكم، وبه قال مالك والاوزاعي واسحاق، وهو الاشبه لقوله تعالى (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) وهذا خطاب لغير الزوجين وسماهما الله تعالى حكمين، فعلى هذا لا يفتقر إلى رضى الزوجين اه.
إذا ثبت هذا: فان الحكمين يخلو كل واحد منهما بأحد الزوجين وينظر ما عنده، ثم يجتمعا ويشتوران، فان رأيا الجمع بينهما لم يتم الا بالحكمين، وان رأيا التفريق بينهما فان رأيا أن يفرقا فرقة بلا عوض أوقعها الحاكم من قبل الزوج، وان رأيا أن يفرقا بينهما بعوض بذل الحاكم من قبلها العوض عليها، وأوقع الحاكم من قبل الزوج الفرقة.
والمستحب أن يكونا من أهلهما للآية.
ولانهما أعلم بباطن أمرهما.
وان كان من غير أهلهما جاز، لان الحاكم والوكيل يصح أن يكون أجنبيا.
ولا بد أن يكونا حرين مسلمين ذكرين عدلين، لانا ان قلنا انهما حاكمان فلا بد من هذه الشرائط.