إذا أذن الراهن للمرتهن في قبض الرهن ومضت مدة يتأتى فيها القبض صار مقبوضا عن الرهن ولا يزول عن الغاصب ضمان النصب إلا بالرهن يسلمه إلى المغصوب منه عن الضمان في أحد الوجهين.
وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد والمزنى رحمهم الله تعالى: يزول ضمان الغصب عن المرتهن دليلنا: أنه لم يتخلل بين الغصب والرهن أكثر من عقد الرهن وقبضه.
والرهن لا ينافى الغصب لانهما قد يجتمعان، بأن يرتهن عينا ويتعدى فيها، فإن ارتهن عارية في يده وأذن له في قبضها عن الرهن صح وكان له الانتفاع بها
لان الرهن لا ينافى ذلك، ويكون ضمان العارية باقيا عليه، فإن منعه المعير من الانتفاع فهل يزول عن المستعير الضمان؟ فيه وجهان:
(أحدهما)
يزول لانها خرجت عن أن تكون عارية
(والثانى)
لا يزول عنه الضمان لان يده لم تزل، وإن أودعها المعير عند المستعير، والمغصوب منه عند الغاصب، فهل يزول عنه الضمان، فيه وجهان
(أحدهما)
لا يزول عنه الضمان لبقاء يده
(والثانى)
يزول لان الايداع ينافى الغصب والعارية وقال الشافعي: والقبض في العبد والثوب مما يحول يأخذه مرتهنه من يد راهنه، وقبض مالا يحول من أرض أو دار أن يسأله بلا حامل.
وهذا كما قال: القبض في الرهن كالقبض في البيع، فإذا رهنه ما ينقل مثل الدراهم والثياب فقبضها كان له أن يتناولها وينقلها من مكان إلى مكان.
وكذلك إذا رهنه بهيمة فقبضها له أن يسوقها أو يقودها من مكان إلى مكان، وكذلك صبرة جزافا أو مكيالا من صبرة وقبضه بالكيل، وإن رهنه مالا ينقل كالارض والدكان والدار فالقبض فيها أن يزيل الراهن يده عنها بأن يخرج منها ويسلمها إلى المرتهن ولا حائل بينه وبينها، فإن كانا في الدار وخرج الراهن منها صح القبض.
وقال أبو حنيفة لا يصح حتى يخلى بينه وبينها بعد خروجه منها، لانه إذا كان في الدار فيده عليها فلا تصح التخلية، وهذا ليس بصحيح لان التخلية تحصل بقوله وبرفعه يده عنها ألا ترى أن بخروجه من الدار لا تزول يده عنها، وبدخول دار غيره لا تثبت يده عليها، ولانه بخروجه محقق لقوله، فلا معنى لاعادة التخلية، هكذا ذكره ابن الصباغ، وان خلى بينه وبين الدار وفيها قماش للراهن صح التسليم في الدار فقط