وحكى الداركى أن الشافعي رحمه الله قال في موضع آخر: إن الرهن ينفسخ بموت الراهن قبل التسليم واختلف أصحابنا في المسألة على ثلاثة طرق، فمنهم من نقل جوابه في كل واحدة منهما إلى الاخرى وخرجهما على قولين
(أحدهما)
ينفسخ بموت أحدهما لانه عقد جائز فبطل بالموت كالوكالة والشركة.
(والثانى)
لا ينفسخ بموت واحد منهما لانه عقد يئول إلى اللزوم فلم ينفسخ بالموت كالبيع بشرط الخيار.
ومنهم من قال: ينفسخ بموت الراهن ولا ينفسخ بموت المرتهن، لان بموت الراهن يحل الدين المؤجل عليه، فإذا كان عليه دين غير دين المرتهن كان للمرتهن أسوة الغرماء، ولا يجوز للورثة تخصيص المرتهن بالرهن، وان لم يكن عليه دين غير المرهون به فقد تعلق بجميع التركة، فلا وجه لتسليم الرهن به.
وليس كذلك المرتهن، فإن ماله من الدين لا يحل بموته فالحاجة باقية إلى
الاستيثاق بالرهن.
ومن أصحابنا من قال: لا يبطل الرهن بموت واحد منهما قولا واحدا، لان الرهن إذا لم ينفسخ بموت المرتهن والعقد لا يلزم من جهته بحال، فلان لا يبطل بموت الراهن - والعقد قد يلزم من جهته - بعد القبض أولى.
وأنكر الشيخ أبو حامد ما حكاه الداركى وقال: بل كلام الشافعي رحمه الله يدل أن الرهن لا ينفسخ بموت الراهن لانه قال في الام: وإذا رهن عند رجل شيئا ثم مات الراهن قبل أن يقبض الرهن، فإن كان عليه دين كان أسوة الغرماء وان لم يكن عليه دين فوارثه بالخيار بين أن يقض الرهن المرتهن أو يبقيه، وإن مات أحدهما بعد القبض لم ينفسخ الرهن بلا خلاف، ويقوم وارث كل واحد منهما مقامه لان الرهن لازم جهة من الراهن والعقد اللازم لا يبطل بالموت كالبيع والاجارة.