صيحات يدفعهم إليها ما فشا من استهتار بميثاق الزوجية الغليظ وانتشار الاطفال المشردين نتيجة الشقاق بين آبائهم وأمهاتهم، ولو أنهم فطنوا إلى ما شرعه الله تبارك وتعالى من قيود للطلاق وملابسات له لالقم هؤلاء أفواههم حجارة.
ولسكتوا إزاء ما أحاط الله به عقد النكاح من صيانة وحصانه وحفظ، فقد عرفنا مما مضى أن الله تعالى حرم طلاق المرأة حال حيضها، وفى زمن طهرها إذا جامعها فلو عرف الناس ما يرتكبونه من الاثم حين يفعلون ذلك لخفت وطأة هذه الظاهرة، وما على الموثق (المأذون) إلا أن يعظ الزوج إذا جاءه بشرع الله ويذكره بأحكام السنة، ويبغضه في هذه البدعة، وعلى خطباء الجمعة ووعاظ الازهر أن ينشروا بين الناس حكم الله في تحريم الطلاق في هذه الاوقات المذكورة حتى يقلع الناس عن هذه البدعة، وليطلقوا - إذا عزموا الطلاق - وفقا للسنة المطهرة، وهم إذا تربصوا بزوجاتهم حتى يحل الطهر ولم يمسوهن، فإن الرغبة في التسريح قد تتحول إلى رغبة في السكن والاستقرار، وتكون النفوس حينئذ قد هدأت والخواطر قد صفت.
وكفى الله المؤمنين مآثم الطلاق.
والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل)
ويجوز أن يفوض الطلاق إلى امرأته لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ " لما أمر الله تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير نسائه بدأ بى فقال: إنى مخبرك خبرا وما أحب أن تصنعي شيئا حتى تستأمرى أبويك، ثم قال إن الله قال: قل لازواجك (ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا) إلى قوله (منكن أجرا عظيما) فقلت: أو في هذا
أستأمر أبوى؟ فإنى أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما فعلته " وإذا فوض الطلاق إليها فالمنصوص أن لها أن تطلق ما لم يتفرقا عن المجلس أو يحدث ما يقطع ذلك، وهو قول أبى العباس بن القاص.
وقال أبو إسحاق: لا تطلق الا على الفور، لانه تمليك يفتقر إلى القبول