واختلفوا فيمن قال لامرأته كلى واشربي ونوى الطلاق، فمنهم من قال لا يقع وهو قول أبى إسحاق، لانه لا يدل على الطلاق فلم يقع به الطلاق كما لو قال أطعمينى واسقيني، ومنهم من قال يقع وهو الصحيح، لانه يحتمل معنى
الطلاق وهو أن يريد كلى ألم الفراق واشربي كأس الفراق، فوقع به الطلاق مع النية، كقوله ذوقي وتجرعي
*
*
* (الشرح) الكناية صورة تذكر يراد بها اما تكنى عنه وترمز إليه، ومع هذا يجوز أن يراد بها معناها الاصلى، وأنواعها ثلاثة: كناية عن صفة وكناية عن موصوف وكناية عن نسبة.
وقوله " بائن الخ " أي مفارقة من البين وهو الفراق، وخلية، أي خالية عن الزوج فارغة منه، وبرية أي بريئة عما يجب من حقوقي وطاعتي، وبتة القطع وبتلة مثلها، ومنه التبتل أي الانقطاع عن النكاح، وسميت البتول لانقطاعها عن الازواج.
وقوله تعالى (وتبتل إليه تبتيلا) أي انقطع إليه انقطاعا.
وأما تسمية فاطمة عليها السلام بالبتول فقد قال ثعلب لانقطاعها عن نساء زمانها دينا وفضلا وحسبا: وحرة أي لا سلطان لى على بضعك كما لا ملك في رقبة الحرة، وواحدة أي أنت فردة عن الزوج، ويحتمل طلقة واحدة وبيني وهو من البعد والفراق واغربى مثله.
واستفلحي من الفلاح والفوز، أي فوزى بأمرك واستبدى برأيك ويحتمل أن يكون من الفلح وهو القطع، أي اقطعي حبل الزواج من غير نزاع وحبلك على غاربك، أي امضى حيث شئت: والتعبير هنا عن الدابة يكون مقودها على غاربها، وهو ما بين السنام والعنق ولا قائد لها فتذهب حيث شاءت بغير ممسك لها، وتقنعى، أي غطى رأسك وقال ابن بطال: أظن معناه استترى منى ولا يحل لى نظرك.