للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: وإن طلق بلسانه واستثنى بقلبه الخ.

وهذا يدل بمفهومه على أنه إذا استثنى بلسانه صح ولم يقع ما استثناه بقلبه، وهو قول جماعة أهل العلم.

وقال الخرقى من الحنابله " إذا طلقها بلسانه واستثنى شيئا بقلبه وقع الطلاق ولم ينفعه الاستثناء.

وجملة ذلك أن ما يتصل باللفظ من قرينة أو استثناء منه مالا يصح نطقا ولا نية، مثل أن يرفع حكم اللفظ كله، وهذا قد مضى بيانه.

ومنها ما يقبل لفظا ولا يقبل نية في الحكم، وهل يقبل فيما بينه وبين الله تعالى؟ وجهان

(أحدهما)

لا يقبل فيما بينه وبين الله تعالى، وبه قال أحمد وأكثر أصحاب الشافعي.

وهذا استثناء الاقل، فإنه لا يصح إلا لفظا لانه من لسان العرب، ولا يصح بالنية لان العدد نص فيما تناوله لا يحتمل غيره، فلا يرتفع بالنية ما ثبت بنص اللفظ، فإن اللفظ أقوى من النية، فلو نوى بالثلاث اثنتين كان مستعملا للفظ في غير ما يصلح له فوقع مقتضى اللفظ ولغت نيته وقال بعض أصحابنا: انه يقبل فيما بينه وبين الله تعالى، كما لو قال: نسائى طوالق واستثنى بقلبه الا فلانة، والفرق بينهما أن نسائى اسم عام يجوز التعبير به عن بعض ما وضع له، وقد استعمل العموم بإزاء الخصوص كثيرا.

فإذا أراد به البعض صح.

وقوله " ثلاثا " اسم عدد للثلاث لا يجوز التعبير به عن عدد غيرها، ولا يحتمل سواها بوجه من الوجوه، فإذا أراد بذلك اثنتين فقد أراد باللفظ ما لا يحتمله.

وإنما تعمل النية في صرف اللفظ المحتمل إلى أحد محتملاته.

فأما ما لا يحتمل فلا، فإنا لو عملنا به فيما لا يحتمل كان عملا بمجرد النية، ومجرد النية لا يعمل في نكاح ولا طلاق ولا بيع.

ولو قال: نسائى الاربع طوالق، أو قال لهن: أربعتكن طوالق، واستثنى بعضهن بالنية لم يقبل على قياس ما ذكرناه، ولا يدين فيه، لانه عنى باللفظ مالا يحتمل.

ومنها ما يصح نطقا إذا نواه دين فيما بينه وبين الله تعالى، مثل تخصيص اللفظ العام أو استعمال اللفظ في مجازه مثل قوله: نسائى طوالق، يريد بعضهن

<<  <  ج: ص:  >  >>