لانه قادر على أداء ما عليه نحوها، فان لم يفعل أخذ بالطلاق، وان كان الطريق مخوفا أو له عذر يمنعه فاء فيئة المعذور
فان كان مغلوبا على عقله بجنون أو إغماء لم يطالب لانه لا يصلح للخطاب ولا يصح منه الجواب.
وتتأخر المطالبة إلى حال القدرة وزوال العذر ثم يطالب حينئذ، وان كان مجبوبا وقلنا يصح إيلاؤه فاء فيئة المعذور، فيقول: لو قدرت جامعتها، فمتى قدر فلم يفعل أمر بالطلاق، لانه إذا وقف وطولب بالفيئة وهو قادر عليها فلم يفعل أمر بالطلاق، وهذا قول من يقول: يوقف المولى، لان الله تعالى قال " فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " فإذا امتنع من أداء الواجب لها عليه فقد امتنع من الامساك بالمعروف، فيؤمر بالتسريح بالاحسان، وان كان معذورا ففاء بلسانه ثم قدر على الوطئ أمر به، فإن فعل والا أمر بالطلاق وبهذا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وقال القاضى أبو بكر من أصحابه: إذا فاء بلسانه لم يطالب بالفيئة مرة أخرى وخرج من الايلاء، وهو قول الحسن وعكرمة والاوزاعي لانه فاء مرة فخرج من الايلاء ولم تلزمه فيئة ثانيه، كما لو فاء بالوطئ وقال أبو حنيفة: تستأنف له مدة الايلاء.
لانه وفاها حقها بما أمكنه من الفيئة فلا يطالب الا بعد استئناف مدة الايلاء كما لو طلقها.
دليلنا أنه أخر حقها لعجزه عنه فإذا قدر عليه لزمه أن يوفيها اياه كالدين على المعسر إذا قدر عليه.
وما ذكروه فليس بحقها ولا يزول الضرر عنها به وانما وعدها بالوفاء ولزمها الصبر عليه، وانكاره كالغريم المعسر (فرع)
وليس على من فاء بلسانه كفارة ولا حنث لانه لم يفعل المحلوف عليه، وانما وعد بفعله فهو كمن عليه دين حلف أن لا يوفيه ثم أعسر به فقال: متى قدرت وفيته.
إذا ثبت هذا فانه إذا مضت المدة وبالمولى عذر يمنع الوطئ، من مرض أو حبس بغير حق أو غيره لزمه أن يفئ بلسانه فيقول: متى قدرت جامعتها ونحو
هذا.
وممن قال يفئ بلسانه إذا كان ذا عذر ابن مسعود وجابر بن زيد والنخعي والحسن والزهرى والثوري والاوزاعي وعكرمة وأبو عبيد وأصحاب الرأى