وإنما يمهل للحاجة ولا حاجة، وان لم يعلم ذلك أمهل ثلاثة أيام لانه قريبة، ولا يزاد على ذلك، وإن كان فرضه الصيام فطلب الامهال ليصوم شهرين متتابعين لم يمهل لانه كثير، فإن أراد أن يجامعها كان لها أن لا تمكنه من نفسها لان هذا الوطئ محرم عليهما، وهذا هو اختيار الشيخ أبى اسحاق الشيرازي هنا واختيار ابن قدامة من الحنابلة.
وذكر الشيخ أبو حامد الاسفرايينى وبعض أصحاب الامام أحمد أنه يلزمها التمكين، وإن امتنعت سقط حقها، لان حقها في الوطئ وقد بذله.
ومتى وطئها فقد وفاها حقها والتحريم عليه دونها كمن له على آخر دين فأحضره له فأبى اخذه
لانه مغصوب، فهو بين أمرين إما أن يأخذه وفاء لدينه واما أن يقيله من الدين ولنا أنه وطئ حرام فلا يلزم التمكين منه كالوطئ في الحيض والنفاس.
وهذا بخلاف الدين، فإن المال ملك من في حوزته ومن يده عليه، فكان الحكم الظاهر أن المال ماله، وفارق الظهار فإنهما مشتركان في الاثم، ولا نسلم كون التحريم عليه دونها، فإن الوطئ متى حرم على أحدهما حرم على الاخر لكونه فعلا واحدا ولو جاز اختصاص أحدهما بالحريم لاختصت المرأة بتحريم الوطئ في الحيض والنفاس، واحرامها وصيامها، لاختصاصها بسببه ويتخرج على ذلك أنه يمكنه أن يفئ بلسانه فيئة المعذور ويمهل حتى يصوم، كقولنا في المحرم على أحد الوجهين.
وهذا ما اخترته على أصل المذهب، وهذا أولى من ايقاع الطلاق عليه فقد تكون الثالثة فتبين منه، وان كان المنصوص أنها تطلق عليه ان لم يطلقها.
(فرع)
مضى في الفصل قبله قولنا إذا انقضت المدة فادعى عجزه عن الوطئ وقلنا لا تسمع دعواه كما لا تسمع دعواها، ونقول هنا انه إذا لم تكن حاله معروفة لنا من عنة أو قدرة ففيه وجهان:
(أحدهما)
تسمع دعواه ويقبل قوله، لان التعنين من العيوب التى لا يقف عليها غيره، وهذا هو ظاهر قوله في الام، وقد نص الشافعي أن لها أن تسأل الحاكم فيضرب له مدة العنة وقدرها سنة، الا أن يطلقها بعد الاشهر الاربعة.