قوله " الجلب " بفتح اللام مصدر بمعنى اسم المفعول المجلوب، يقال جلب الشئ جاء به من بلد إلى بلد للتجارة.
قوله " الركبان " جمع راكب، والمراد قافلة التجارة التى تجلب الارزاق والبضائع.
وذكر الركبان خرج مخرج الغالب في أن من يجلب الطعام يكونون عددا ركبانا، ولا مفهوم له، بل لو كان الجالب عددا مشاة أو واحدا، راكبا أو ماشيا لم يختلف الحكم.
أما الاحكام ففى هذه الاحاديث دليل على أن التلقى محرم، وقد اختلف في هذا النهى هل يقتضى الفساد أم لا؟ فقيل يقتضى الفساد وقيل لا، وهو الظاهر وقد عقب الشيخ مجد الدين أبو البركات ابن تيمية (الجد) في كتابه المنتقى على حديث أبى هريرة بقوله: وفيه دليل على صحة البيع قال الشوكاني رحمه الله تعالى: لان النهى ههنا لامر خارج، وهو لا يقتضيه كما تقرر في الاصول، وقد قال بالفساد المرادف للبطلان بعض المالكية وبعض الحنابلة، وقال بعضهم بعدم الفساد لما سلف.
قال الشافعي في الام: وقد سمعت في هذا الحديث - يعنى حديث أبى هريرة بعد أن ساقه أخبرنا مالك عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لا تلقوا السلع - فمن تلقى فصاحب السلعة بالخيار بعد أن يقدم السوق، وبهذا نأخذ إن كان ثابتا.
ففى هذا دليل على أن الرجل إذا تلقى السلعة فاشتراها فالبيع جائز، غير أن لصاحب السلعة بعد أن يقدم السوق الخيار لان تلقيها حين يشترى من البدوى قبل أن يصير إلى موضع المساومين من الغرر له يوجد النقص من الثمن، فإذا قدم صاحب السلعة فهو بالخيار بين انفاذ البيع ورده ولا خيار للمتلقى لانه هو الغار لا المغرور.
اه قال العلامة ابن القيم في كتابه الطرق الحكمية في السياسة الشرعية " ومن المنكرات تلقى السلع قبل أن تجئ إلى السوق، فان النبي صلى عليه وسلم نهى عن ذلك لما فيه من تغرير البائع، فانه لا يعرف السعر فيشترى منه المشترى بدون القيمة، ولذلك أثبت لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخِيَارَ إذا دخل السوق، ولا نزاع في ثبوت الخيار له مع الغبن.