وَرَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " الشهر هكذا وهكذا، وأوما بأصابع يديه وحبس إبهام يده في الثالثة كأنه يعد خمسين " وروى أنه قال " قد يكون الشهر هكذا وهكذا وحبس إبهامه في الثالثة " وإن ابتدأ بالصوم وقد مضى من الشهر يوم أو أكثر صام ما بقى من هذا الشهر بالعدد وصام الشهر الذى بعده بالهلال تاما أو ناقصا وتم عدد الاول من الثالث ثلاثين يوما تاما كان الاول أو ناقصا، لانه لما فاته شئ من الشهر الاول لم يصمه لم يمكن اعتباره بالهلال فاعتبر بالعدد، واعتبر الثاني بالهلال لانه أمكنه ذلك
(فرع)
وإن أفطر في يوم أثناء الشهرين - فإن كان أفطر لغير عذر - انقطع تتابعه ولزمه أن يستأنف صوم شهرين متتابعين لقوله تعالى " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين " ومعنى التتابع أن يوالى بالصوم أيامهما ولا يفطر فيهما لغير عذر ولم يفعل ذلك فصار كما لو لم يصم وأن جامع في ليلة في أثناء الشهرين عامدا عالما بالتحريم أثم بذلك ولا ينقطع تتابعه، وإن وطئها بالنهار ناسيا لم يفسد صومه ولم ينقطع تتابعه، وبه قال أبو يوسف، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَقَالَ مَالِكٌ وأبو حنيفة: ينقطع تتابعه بذلك، إلا أن مالكا يقول: إذا وطئها بالنهار ناسيا فسد صومه، وأبو حنيفة يقول: لا يفسد إلا أن ينقطع التتابع.
دليلنا على انه لا ينقطع التتابع أنه وطئ لم يفسد به الصوم، فلم ينقطع التتابع كما لو وطئ امرأة أخرى، وإن كان الفطر بعذر نظرت، فإن كان العذر حيضا، ولا يتصور ذلك في كفارة الظهار، وإنما يتصور ذلك في كفارة القتل والجماع في رمضان، إذا قلنا تجب عليه الكفارة، فإن التتابع لا ينقطع، لان زمن الحيض مستحق للفطر فهو كليالى الصوم، ولان الحيض حصل بغير اختيارها ولا يمكنها الاحتراز منه.
فلو قلنا إنه ينقطع التتابع لادى إلى أن المرأة لا يمكنها أن تكفر بالصوم إلا بعد الاياس من الحيض، وفى ذلك تأخيرها عن وقت وجوبها، وربما بانت قبل الاياس، فلذلك قلنا لا يقطع التتابع.
وإن أفطرت للنفاس احتمل أن يكون فيه وجهان كما قلنا في الايلاء.