من غالب قوته، لان في الزكاة الاعتبار بمال فكذلك ههنا، والمذهب الاول لقوله تعالى " فإطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم " والاوسط الاعدل، وأعدل ما يطعم أهله قوت البلد، ويخالف الزكاة فإنها تجب من المال والكفارة تجب في الذمة، فإن عدل إلى قوت بلد آخر، فإنك كان أجود من غالب قوت بلده الذى هو فيه جاز لانه زاد خيرا، فإن لم يكن أجود، فإن كان مما يجب فيه زكاة ففيه وجهان.
(أحدهما)
يجزئه لانه قوت تجب فيه الزكاة فأشبه قوت البلد
(والثانى)
لا يجزئه وهو الصحيح لانه دون قوت البلد، فإن كان في موضع قوتهم الاقط ففيه قولان
(أحدهما)
تجزئه لانه مكيل مقتات فأشبه قوت البلد
(والثانى)
لا يجزئه لانه يجب فيه الزكاة فلم يجزئه كاللحم، وان كان لحما أو سمكا أو جرادا ففيه طَرِيقَانِ، مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ قَالَ فِيهِ قَوْلَانِ كالاقط.
ومنهم من قال لا يجزئه قولا واحدا، ويخالف الاقط لانه يدخله الصاع، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا قُوتَ فِيهِ وجب من غالب قوت أقرب البلاد إليه
(فصل)
ولا يجوز الدقيق السويق والخبز، ومن أصحابنا من قال يجزئه لانه مهيا للاقتيات مستغنى عن مؤنته، وهذا فاسد، لانه ان كان قد هيأه لمنفعة فقد فوت فيه وجوها من المنافع، ولا يجوز إخراج القيمة لانه أخذ ما يكفر به فلم يجز فيه القيمة كالعتق
(فصل)
ولا يجوز أن يدفع الواجب إلى أقل من ستين مسكينا للآية والخبر فإن جمع ستين مسكينا وغداهم وعشاهم لما عليه من الطعام لم يجزه، لان ما وجب للفقراء بالشرع وجب فيه التمليك كالزكاة، ولانهم يختلفون في الاكل ولا يتحقق أن كل واحد منهم يتناول قدر حقه وإن قال لهم ملكتكم هذا بينكم بالسوية ففيه وجهان
(أحدهما)
لا يجزئه.
وهو قول أبى سعيد الاصطخرى لانه يلزمهم مؤنة في قسمته فلم يجزه، كما لو سلم إليهم الطعام في السنابل
(والثانى)
أنه يجزئه وهو الاظهر لانه سلم إلى كل واحد منهم قدر حقه والمؤنة في قسمته قليلة، فلا يمنع الاجزاء