للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" من قذف محصنة أحبط الله عمله ثمانين عاما " وإن أخبر بزناها من لا يثق بقوله حرم عليه قذفها، لانه لا يغلب على الظن إلا قول الثقة، وإن وجد عندها رجلا ولم يستفض في الناس أنه زنا بها حرم عليه قذفها لجواز أن يكون دخل إليها هاربا أو لحاجة أو لطلب الزنا ولم تجبه، فلا يجوز قذفها بأمر محتمل وإن استفاض في الناس أن فلانا زنى بها ولم يجده عندها فهل يجوز له أن يقذفها؟ فيه وجهان حكاهما المصنف

(أحدهما)

يجوز له قذفها لان الاستفاضة أقوى من خبر الثقة، والقسامة تثبت بالاستفاضة فيثبت بها جواز القذف.

(والثانى)

لا يجوز له قذفها، ولم يذكر في التعليق والشامل غيره لجواز أن يكون أشاع ذلك عدو لها.

قال المصنف رحمه الله تعالى

(فصل)

ومن قذف امرأته بزنا يوجب الحد أو تعزير القذف، فطولب بالحد أو بالتعزير فله أن يسقط ذلك بالبينة، لقوله عز وجل " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة " فدل على أنه إذا أتى بأربعة شهداء لم يجلد.

ويجوز أن يسقط باللعان، لما روى ابن عباس رضى الله عنه " أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه

وسلم: البينة أو الحد في ظهرك، فقال يا رسول الله إذا رأى أحدنا رجلا على امرأته يلتمس البينة؟ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: البينة وإلا حد في ظهرك.

فقال هلال: والذى بعثك بالحق إنى لصادق، ولينزلن الله عز وجل في أمرى ما يبرئ ظهرى من الحد، فنزلت: والذين يرمون أزواجهم " ولان الزوج يبتلى بقذف امرأته لنفى العار والنسب الفاسد، ويتعذر.

عليه إقامة البينة فجعل اللعان بينة له، ولهذا لما نزلت آية اللعان قال النبي صلى الله عليه وسلم " أبشر يا هلال، فقد جعل الله لك فرجا ومخرجا.

قال هلال قد كنت أرجو ذلك من ربى عز وجل " فإن قدر على البينة ولاعن جاز لانهما بينتان في اثبات حق، فجاز إقامة كل واحدة منهما مع القدرة على الاخرى، كالرجلين، والرجل والمرأتين في المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>