ولا يلاعن لدرء التعزير لانه تعزير لدفع الاذى، لانا قد حددناه للقذف، فإن ثبت بالبينة أو بالاقرار أنها زانية ثم قذفها فقد روى المزني انه لا يلاعن لدرء التعزير.
وروى الربيع انه يلاعن لدرء التعزير.
واختلف أصحابنا فيه على طريقين، فقال ابو اسحاق: المذهب ما رواه المزني وما رواه الربيع من تخريجه لان اللعان جعل لتحقيق الزنا وقد تحقق زناها بالاقرار أو البينة، ولان القصد باللعان إسقاط ما يجب بالقذف، والتعزير ههنا على الشتم لحق الله تعالى لا على القذف، لانه بالقذف لم يلحقها معرة.
وقال ابو الحسن بن القطان وأبو القاسم الداركى: وهى على قولين
(أحدهما)
لا يلاعن لما ذكرناه
(والثانى)
يلاعن لانه إذا جاز أن يلاعن لدرء التعزير فيمن لم يثبت زناها، فلان يلاعن فيمن ثبت زناها أولى.
(الشرح) درء العقوبة دفعها وإزالتها، وبابه نفع، ودارأته دافعته، وفى الحديث " ادرءوا الحدود بالشبهات " وفى الكتاب " ويدرءون بالحسنة السيئة " وقال تعالى (فادارأتم فيها) أي تماريتم وتدافعتم، والمدارأة بالهمز المدافعة.
قال الشاعر بلسان ناقته: تقول وقد درأت لها وضينى
* أهذا دينه أبدا وديني؟ أكل الدهر حل وارتحال؟
* فما تبقى على ولا تقيني
والمداراة بغير همز الاخذ بالرفق أو المخاتلة.
يقال داريته إذا لاينته، ودريته إذا ختلته.
ومنه: فإن كنت لا أدرى الظباء فانني
* أدس لها تحت التراب الدواهيا أما الاحكام فإن حد القذف حق للمقذوف، فإن عفا عنه سقط وان مات قبل أن يستوفيه ورث عنه، وقال أبو حنيفة: وهو حق لله لا حق للمقذوف فيه، فإن عفا عنه لم يسقط، وان مات لم يورث عنه.
ووافقنا أنه لا يستوفى الا بمطالبته.
دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام " فأضاف العرض الينا كإضافة الدم والمال، فوجب أن يكون ما في مقابلته